عروبة المنيف
يستهوي المراهقون والنشء في الغالب أشخاصاً يعتبرونهم نموذجاً أو قدوة لهم في الحياة يحذون حذوهم، يقلدونهم في ملبسهم ومشربهم ومأكلهم وسلوكياتهم وغيرها من الأمور الحياتية، وقد تكون تلك النماذج أداةً رائعة تساهم في تطويرهم التعليمي والمهني والسلوكي وقد تكون العكس،
فقد أكدت العديد من الدراسات على أن المراهقين يتعلمون من خلال تقليد تلك النماذج ولهم تأثيرات سلبية وإيجابية عديدة عليهم.
تعتبر كرة القدم من أكثر الألعاب الرياضية انتشاراً سواء عالمياً أو محلياً، فهي تحتل المركز الأول من ناحية كونها الأكثر شعبية واهتماماً لدى الشباب، ناهيك عن ما يمثلها لاعبوها من قدوة رمزية لدى المشجعين من النشء، لذلك تعتبر عملية اختيار أولئك الرموز عملية حرجة ويجب أن تتم في منتهى الدقة والحذر، أي يجب أن تكون على «الفرازه «إن صح التعبير، ولكن نفاجأ وللأسف بأن تلك الفرازه لدينا ربما تكون «معطلة» أو غير موجودة أصلاً، فالباب مفتوح لكل من «هب ودب» والمهم أن يعرف اللاعب كيف «يشوت» الكرة، وليس «شوت» الكرة فحسب بل شوت الألفاظ النابية النارية على زملاء المهنة. لقد صدم الجميع من الانحدار في مستوى الذوق العام والأخلاق العامة الذي مثله أحد لاعبي فريق «نادي الرائد» عندما قام بشتم أحد اللاعبين في فريق منافس «نادي التعاون» إلى الحد الذي جعل اللاعب المشتوم بأن يتخذ إجراءً مضاداً ويرفع «قضية قذف» ضد «اللاعب الشاتم». المثير للاستهجان والاستغراب في المشهد هو الكيفية التي تم فيها قبول ذلك اللاعب المتجاوز لأبسط أبجديات الأخلاقيات العامة ليصبح عضواً في أسرة ذلك الفريق؟، وأكاد أجزم في أنه لم يمر على أي «فرازه» أصلاً سوى فرازة «الشوت»!.
تلك الحادثة جعلتني أتساءل عن آليات قبول أولئك اللاعبين المتقدمين لتلك الفرق، هل هناك معايير محددة لقبولهم تتضمن القيم والمعتقدات والأخلاقيات التي يتبناها اللاعبون من أجل الموافقة على انتسابهم لذلك الفريق أو ذاك؟.
هناك مراهقون يمتلكون عقلية مدركة وواعية وضعوا أمام أعينهم النمو والتوسع والتطور والإنجاز، تلك الفئة من الشباب ساعدهم القدر فهم محظوظون في انتسابهم لعائلات واعية، فقد نشأوا في بيئة إيجابية وظروف نفسية صحية ساعدتهم في امتلاك تلك العقلية وبالتالي يعرفون إلى أي الرموز والنماذج والقدوات يتجهون والتي تناسب الحس الإيجابي الذي يمتلكونه، ولكن ماذا عن المراهقين الأقل حظاً حيث ينقصهم الإدراك والوعي ويستهويهم أي نوع من النماذج والرموز، كيف نحميهم من هؤلاء الرموز الخارجين عن الذوق السليم والأخلاق السوية؟ هل نتركهم على عماهم؟ أين المسؤولية الاجتماعية تجاههم؟ أين مؤسسة رعاية الشباب ودورها في رعايتهم فعلاً عن طريق وضع آلية صحيحة لاختيار اللاعبين من أجلنا ومن أجلهم.
إن فرز أولئك اللاعبين عن طريق التأكد من مطابقة قيمهم ومعتقداتهم وأخلاقياتهم للمعايير المتعارف عليها عالمياً يفوق اللعبة نفسها فهم يمثلون رمزية مهمة لدى الجميع وليس النشء فقط.