عروبة المنيف
ماذا يحدث للوطن.. ماذا يحدث للدين!؟
هل سنبقى في حالة ترقب وتوجس، متسائلين عن المسجد المستهدف القادم «لأعداء الإنسانية والوطن والدين» ليجهزوا على أرواح المصلين العابدين الركّع السجود، ويقضوا تباعاً على أمن واستقرار وسلامة الوطن، لنقوم بعدها بديباجة الاستنكار وترديد مقولة: «لا عزاء للوطن»!؟.
عند التمعن في حوادث التفجيرات لهذه السنة 2015، ما يقارب «العشرة أشهر»، والتي كان آخرها «نرجو ذلك» تفجير مسجد المشهد بنجران والذي أسفر عن استشهاد شخص على الفور وإصابة 26 آخرين جميعهم من المصلين، وتوفي أحد المصابين فيما بعد متأثراً بجراحه، نجدها جميعها وبدون استثناء قد استهدفت المساجد الشيعية سواء مساجد الطائفة «الاثنا عشرية أو الإسماعيلية»، ما يُؤكد أن الهدف الرئيس للمفجّرين هو «طائفي بحت»، أو بمعنى آخر استخدام الطائفية كأداة ومحاولة تأجيجها بين أبناء الوطن الواحد.. ولحسن الحظ، فقد خاب مسعى المخربين ونواياهم الخبيثة، «على أقل تقدير للآن» لما أظهره الشعب السعودي من حسن ظن فاق الحس الطائفي، وقد تجلى ذلك في ردود أفعال أبناء الوطن بطائفتيه السنية والشيعية من ضبط للنفس وتكاتف في وجه ذلك الفيروس الطائفي الذي تم تجهيزه في معامل ومختبرات إيران، ليكون أداتها في الحرب ضد المملكة في سبيل ضرب أمنها واستقرارها. لا ننكر ولا نتجاهل أيضاً انتشار المعامل الفيروسية الطائفية المحلية والتي تتولى ذات الحقن والتأجيج الطائفي، وقد تتباين أهدافها التي إما أن تكون «طائفية بحتة» ظهرت على السطح وبقوة نتيجة أيدلوجيات تمَّ التشبع منها بفعل بعض التوجهات المنحرفة عقائدياً واجتماعياً، أو بفعل «أهداف سياسيه خارجية» عن طريق العمالة للدولة الفارسية من أجل تحقيق نواياها التوسعية، فالهدف المرجو في النهاية لا خلاف عليه في ضرب الوحدة الوطنية، وخلخلة النسيج الاجتماعي عن طريق نشر الفيروس الطائفي فيه فلا يهم الأسلوب والمنهج المتبع، فالغاية تبرر الوسيلة.
إن إلقاء نظرة سريعة على الأحداث التي لا تزيد على عقد ونيف من الزمن، وذلك منذ سقوط الطاغية صدام حسين على أيدي الأمريكيين، نلاحظ الدور المشبوه الذي لعبته إيران في تسخير الطائفية لخدمة أهدافها السياسية والعقائدية، واستحكامها على مفاصل الدول التي استطاعت نشر الفيروس الطائفي فيها سواء في لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن، فقد استطاعت إصابة تلك الأوطان بالشلل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولم تكن لتستطيع النفاذ لأهم مفاصل الدولة ومؤسساتها لولا الجاهزية الطائفية لتلك الدول، فمناعتها ضد الفيروس الطائفي ضعيفة ولديها بيئة حاضنة وملائمة، وبالتالي أصبح اختراقها سهلاً جداً فنخرت العصبية الطائفية بجسدها حتى النخاع.
لطالما ارتفعت الأصوات في المملكة مطالبة بفرض قانون لتجريم الطائفية من أجل التقليل من حدة ذلك الفيروس وقوته، والرفع بالتالي من مناعة أبناء الوطن في مواجهته، فمن حق الجميع أن يعيش حياة خالية من الكراهية والحقد والتطرف، والآمال ما زالت معلقة من أجل التحرك لاستصدار ذلك القانون الذي يتوجب تطبيقه وبحزم وتجريم كل من يحاول تأجيج أي صراع طائفي كائناً من كان.
إن رفض مجلس الشورى منذ ستة أشهر مناقشة «مشروع الوحدة الوطنية» لا يعني التوقف عن المطالبة بسنّ تلك القوانين التي تشكّل الدرع الحصين والواقي لأي حقن طائفي يُراد به أجندات سياسية تهدف للمزيد من التغلغل الفيروسي الإيراني أو الداعشي داخل حصن الوطن الذي نرجو أن يظل منيعاً وصامداً - بإذن الله -.