د.عبدالرحيم محمود جاموس
تتجه أنظار السوريين، ومعهم العرب، وجميع الدول والقوى الفاعلة في الشأن السوري وأزمته ليومي 8-9-12-2015م إلى مدينة الرياض، التي ترعى اجتماعًا موسعًا للمعارضين السوريين، من قوى سياسية وعسكرية، من معارضي الداخل، ومعارضي الخارج على السواء، حيث يعد توحيد موقف المعارضة السورية، وتحديد تصورها ضرورة لانطلاقة عجلة الحل السياسي للأزمة السورية الخطوة الأولى نحو الحل، وتعول كافة الأطراف الإقليمية والدولية على استضافة ودور المملكة العربية السعودية المهم في هذا الشأن، التي تحملت هذه المسؤولية بدعم كامل من كافة الدول المؤثرة في الأزمة، وقد جهدت الرياض بتوفير كافة أسباب النجاح لهذا المؤتمر، الذي يعد الأول من نوعه من حيث تنوع المشاركين فيه، والذين يمثلون كافة أطراف المعارضة المعتدلة والمقبولة سوريًا ودوليًا، مستثنيًا القوى التي صنفت بالإرهابية، وفي مقدمتها (داعش) وجبهة النصرة، وغيرهما من المنظمات والتشكيلات التي تعد تشكيلات إرهابية، ولذا من الضروري أن يؤكد المؤتمر على وحدة التصور لهذه القوى لمستقبل سوريا الواحدة الموحدة، بعد كل الخراب والتشتيت الذي لحق بسوريا الوطن والشعب، كما الاتفاق على الآلية التي أقرها مؤتمر فيينا مؤخرًا لانطلاق عجلة الحل السياسي، وما سيتبعه من إعلان لوقف إطلاق النار، وانطلاق عملية تفاوضية جادة بين المعارضة والنظام لتشكيل حكومة انتقالية تهيئ البلاد لعملية سياسية تنهي الأزمة، المهمة ليست باليسيرة، لكن وقف نزيف الدم والخراب والدمار الذي تشهده سوريا منذ خمس سنوات، وإدراك جميع الأطراف من معارضة، ونظام، وقوى ودول إقليمية ودولية، أن الحسم العسكري بات من المستحيلات، في ظل تنامي وتمدد قوى الإرهاب، من داعش وجبهة النصرة، وتطاير شرر هذا الإرهاب، إلى أماكن عدة خارج سوريا، عربيًا، وأوروبيًا وغيرها، كل ذلك يحتم على جميع الأطراف الانخراط في عملية سياسية جادة تتوج بالنجاح، لمواجهة هذا الإرهاب المتزايد والمنبعث من أحشاء الأزمة السورية، وإيجاد حالة سياسية وعسكرية جامعة وموحدة لكافة القوى السورية، والعربية والدولية لمحاصرة هذا الإرهاب وخوض المعركة الحاسمة مع قواه والانتصار عليها، واستعادة الأمن والاستقرار لسوريا الجديدة، وللمنطقة وللعالم، ومعالجة الآثار الوخيمة التي خلفتها الأزمة السورية، من خراب ودمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية على أسس جديدة، تكفل المساواة والعدالة والحريةجميع أبناء الشعب السوري على اختلاف أطيافهم السياسية والطائفية والعرقية والجهوية، وإقرار دستور يرسي قواعد هذه المساواة ويحقق العدالة والحرية للجميع، كما يرسي قواعد العمل السياسي والانتقال السلمي للسلطة وتتداولها في سوريا ما بعد الأزمة، واستعادة سوريا لمكانتها في الإقليم.
من هنا تتأتى أهمية انعقاد هذا المؤتمر ورعاية المملكة العربية السعودية له، ودعم كافة الدول المؤثرة والمتأثرة في الأزمة السورية، التي باتت تدرك أهمية وضرورة وضع حدٍ ونهاية لهذه الأزمة المتفجرة منذ خمس سنوات، التي طالت آثارها الجميع بشكل أو بآخر، ولم تقتصر على الجغرافيا السورية أو المنطقة العربية، بل امتدت شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا دون استثناء، وأصبحت الشغل الشاغل للجميع.