أحمد محمد الطويان
بعد منتصف ليل الاثنين أظهرت السعودية ثمرة من ثمرات التنسيق السياسي والعسكري خلال الأيام الماضية، تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب يضم 44 دولة إسلامية، منها 10 دول تشارك سياسياً ويتطلب دخولها العسكري إجراءات داخلية هي في طور إنهائها.
ليس حدثاً عادياً، ولن يمر مرور الكرام، ولأنه حدث كبير ركب ثالث رجل في الدولة سيارته واتجه إلى قاعة المؤتمرات الصحافية للقوات المسلحة والتقى بالصحافيين شخصياً، هذا حدث بحد ذاته، لم تكتفي المملكة ببيان يوزع على الصحف أو تتناقله وكالات الأنباء، خرج مهندس التحالف ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على شاشات التلفزيون ليبعث برسالة قوية لكل العالم، بأن السعودية تقوم بدورها القيادي في الوقوف بوجه الإرهاب في كل مكان، وأن المسلمين قبل غيرهم يحاربون الإرهاب الذي يحاولون إلصاقه بنا، وماهو إلا شذوذ وانحراف ننبذه بأشد من أي نبذ أو استهجان يطلقه غير المسلمين.. السعودية تحدثت باسم مليار مسلم على لسان الأمير محمد بن سلمان، والفعل سبق القول، والحقائق ستظهر بقوة الموقف، وصلابة الإرادة القديمة والمتجددة، لنشر وتحقيق السلام والأمن عالمياً.
السعودية اليوم هي الدولة الإسلامية الأقوى والأكثر تأثيراً، وتحركاتها السياسية في الأشهر الماضية أثبتت قدراتها الكبيرة، وتجمع الدول الإسلامية باختلاف ظروفها وأماكنها الجغرافية، خطوة سياسية ستبني فعلاً عسكرياً مؤثراً وهاماً.. لا ننسى في السياسة السعودية عندما أطلق الملك فيصل في ستينيات القرن الماضي التضامن الإسلامي، وقام بزيارات لجميع الدول الإسلامية، وحرص على الدول الصغيرة والفقيرة، ولم يستهين بالقوة البشرية والثقافية والجغرافية لهذه الدول، وأعطى ذلك التحرك الموثوقية السياسية للمملكة العربية السعودية لدى جمهور محيطها الإسلامي الذي تقود به ومن خلاله مواقفها لصالح تلك الدول قبل مصلحتها.. اليوم في عهد الملك سلمان ذهبت السعودية إلى محيطها الإسلامي حتى لا يستغله من أراد الشرور لهذا العالم، ومن أجل قوة تعزز الحضور الدولي لدولنا في وقت نلاحظ فيه الهجوم الشرس على ثقافتنا وإيماننا ومعتقداتنا، التحالف الذي ستقوده المملكة لن يحارب بلا بوصلة أو هدف، وليس استعراضاً إعلامياً، أو متاجرة سياسية، هو فعل عسكري منظم ضد العنف والتطرف، وضد الفكر الأعوج، وهو في إطار الشرعية والقانون الدولي والهيئات الدولية وبتنسيق كامل مع الدول المحبة للسلام والجادة في تحقيقه.
أعتقد أننا بحاجة إلى تفعيل ما يعرف بالديبلوماسية العامة والتي توصف بالقوة الناعمة لتساير القوة العسكرية في مجهودها، ولتكون جميع الأذرعة حاضرة وفاعلة في تحالفنا القوي، وهذا بلا شك ينقسم إلى عدة أقسام مهمة، أولاً سفاراتنا ومكاتبنا وممثلينا في الدول الإسلامية المشاركة في التحالف، لإظهار دورنا القيادي ورسالتنا شعبياً، وأيضاً سفاراتنا ومكاتبنا وممثلينا وطلابنا في الدول الغربية، لإيضاح حقيقة عملنا لترسيخ القيم الإنسانية، وتضحيتنا بدمائنا من أجل السلام العالمي.. ولفت سمو ولي ولي العهد في ردوده على الصحافيين إلى الدور الإعلامي والثقافي للتعامل مع داء الإرهاب، وهذا بلا شك يحتاج إلى تفعيل وتظافر الجهود بين أكثر من طرف خصوصاً هنا في السعودية باعتبارها قائد التحالف ومركز إنطلاقه.
الأمير محمد بن سلمان جذب الأنظار بردوده الذكية، وسرعة بديهته، ولاحظ الجميع أنه أمام شخص يعمل بجدية، ويحب الإنجاز ويحترم الوقت، وصادق في ما يفعل وما يقول.. نظرة سريعة على المؤتمر الصحافي السريع، والجهد الكبير الذي حقق تحالفاً غير مسبوق بسرعة غير معهودة، ويأتي تأكيداً على أننا الأكثر جدية في محاربة الإرهاب بمجهوداتنا الأمنية الجبارة التي يقودها سمو ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وهذه المجهودات التي أشاد بها وأثنى عليها الأمير محمد بن سلمان في ثنايا حديثه الإعلامي.
اليوم السعودية تشن حرباً على الشر ولن تنتظر أحداً يوجهها، ولن تقبل بأي تنظير أو استفزاز، السعودية تتقدم مليار مسلم لتقول بأننا قبل الجميع وأكثر من الجميع نرفض الإرهاب.