خالد الربيعان
ما هو السر الذي يجعل مدينة جميلة وصغيرة في أطراف إيطاليا تكتسب شهرتها من الكرة!، وأن يكون فريقها « أودينيزي» ألماً في ظهر أندية أكبر المدن: روما وميلان وإنتر ويوفنتوس ونابولي!، الجواب عندما يتواجد رجل عبقري في التسويق الرياضي على رأس هذا النادي! وأن يبدع بشكل خاص ومبتكر ومميز في إدارة النادي حتى أصبح أودينيزي من أندية إيطاليا الكبرى!
جيمباولو بوزو.. اسم يعرفه من يهتم بصناعة كرة القدم، وهو أيقونة في عالم التسويق الرياضي، رجل يصلح كزعيم من زعماء المافيا الإيطالية القديمة في فترات مجدها حين كانوا يطلقون على رجالها «الحكماء»!
في 1986 كان النادي مغموراً غارق في الديون وتورط في قضية التلاعب بنتائج المباريات تحكيمياً وعُوقب بالهبوط لدوري الدرجة الثانية، بخبرة الذئب اتجه «بوزو» - عكس كل من يروا أنفسهم عاقلين ذوي بصيرة! - واشترى النادي !! ..وكانت ضربة معلم!
منذ تولى بوزو المهمة صعد الفريق مرة أخرى لدوري الدرجة الأولى ولم يهبط أبداً بعدها، تأهل لبطولات أوروبا المتنوعة 11 مرة في 19 موسم، وبميزانية محدودة للغاية!!
يتبع «بوزو» منهجاً رائعاً في التسويق الرياضي، فأسس شبكة كشافين أعضاؤها من صقور اصطياد النجوم!، بحيث يشتريهم صغاراً ويدفع لهم مرتبات صغيرة، بعد سنوات تتحقق نبوءات الكشافين، يبيعهم بملايين وبمكاسب يحسده عليها تجار الممنوعات! حيث تتعدى 50 ضعف أصل رأس المال!
بالأرقام بوزو يمتلك حقوق التعاقد مع 140 لاعباً، أكثر من 80% منهم تحت 23 سنة! ويلعبون الآن في أكثر من 20 دولة في أوروبا وأمريكا الجنوبية! بل إن معظمهم دوليون مع منتخباتهم!
الأجمل في سياسة «بوزو» هو مبدأ تبناه وهو سر نجاحه: «سيرحل نجم كبير في كل موسم»! أي أنه يتخلى عن نجم كبير جداً في كل موسم انتقالات، يكسب منه الملايين، ويشهر اسم النادي في وسائل الإعلام، ويشتري بربع ثمنه عشرة من النجوم الصغار!
هدف بوزو الأساس هو البقاء في دوري كبار إيطاليا فقط مهما استغنى عن نجوم!، لأن ذلك وفي وجود مبدأ بيع النجوم كل موسم: يجعل أودينيزي هو أكثر نادٍ يشجع ويغري اللاعبين على الذهاب له في بداية حياتهم! لأنهم يعرفون أنه النادي الواجهة التي يظهرون فيها إبداعهم، الفاترينة اللامعة الرائعة التي ينظر لها المشترون!
لتزداد اقتناعاً انظر إلى الأسماء التي قدمها أودينيزي للعالم في 10 سنين!: هاندانوفيتش حارس الإنتر الآن، بنعطية مدافع البايرن، إليكسيس نجم الأرسنال، أسامواه ومونتاري نجمي غانا، كوادرادو نجم يوفنتوس، يانكولوفسكي نجم ميلان، لاعبو منتخب إيطاليا المخضرمون: ياكوينتا، دي ناتالي، كوالياريللا، ماركو موتّا!
منهج بوزو في الإدارة وقراراته الرائعة جعلت خبراء التسويق الرياضي يطلقون عليه «عرّاب الكرة الأوروبية»!، ويقومون بإدراج تجربته ضمن التجارب الرائدة في الاقتصاد الرياضي تحت مصطلح يحمل اسم ناديه.. «نموذج أودينيزي»!
إنه يضحك !
الآن، وبعد إقرار قانون اللعب المالي النظيف من الفيفا: أصبحت الأندية الكبرى لا تقدر على شراء مجموعة من النجوم دفعة واحدة كل موسم!، ويحاولون الآن اتباع سياسة تربية النجوم ومدارس الناشئين ولكنهم فشلوا!، نفس السياسة التي اتبعها جيمباولو بوزو بل وأصبح فيها خبيراً منذ 20 سنة كاملة!!.. وكأنه كان يعلم.. سبق الجميع بخطوات وهو الآن يحقق نجاحات أخرى مع ناديي واتفورد الإنجليزي وغرناطة الإسباني.. بعد أن اشتراهما أيضاً!!