عروبة المنيف
ما زالت مشاعر النشوة والفرح التي عمت البلاد تغمرنا، وذلك بعد العرس الانتخابي الذي تُوِّجت فيه المرأة السعودية عروساً متألقة ومنتصرة، وقد سطرت انتصاراتها بأجمل المعاني لطول نفسها وصبرها وثقتها في عدالة قيادتها وقضيتها. لقد تُوّجت بحصولها على سبعة عشر مقعداً في انتخابات المجالس البلدية في تجربة تاريخية خالدة.
إن ما تحقق من إنجاز نسوي مبهر بوصول مجموعة من سيدات المجتمع إلى مجالس البلديات يُعتبر إنجازاً مسبوقاً، ليس للمرأة فقط، بل للمجتمع بأسره. وفوق ذلك هو إنجاز للدولة أيضاً؛ إذ قالت القيادة كلمتها، وكان لها ما أرادت رغم حسد الحاسدين.
إن الثقة التي توليها النساء السعوديات لحكومتهن تزداد باستمرار؛ وذلك نتيجة لما لمسنه من تدفق لحزم من القرارات التي اتخذتها القيادة في السنوات الأخيرة، والتي بدأنا نشعر بنتائجها الإيجابية علينا، بدءاً من توفير فرص عمل للنساء في الأسواق والمطارات وغيرها من الأماكن العامة؛ ما ساهم في كفاية النساء شر السؤال، إضافة إلى سَنّها وفرضها القوانين الكفيلة بصون كرامة المرأة وإنسانيتها. ولكن على الرغم من تلك الانتصارات والإنجازات المتلاحقة إلا أن الطموحات ما زالت أكبر من ذلك بكثير.
إن فوز النساء بالانتخابات هو نصر ذو معنيَيْن: المعنى الأول هو انتصار الإرادة الحكومية بوعيها وإيمانها بقدرة نساء الوطن واستحقاقهن. والمعنى الثاني هو قناعة الناخبين المجتمعيين رجالاً ونساءً بجدوى البرامج المقدَّمة من النساء اللواتي تم انتخابهن، وبقدرتهن على الإنجاز والمشاركة في صنع القرار وفي خدمة وطنهن جنباً إلى جنب مع الرجل بدون أي تمييز من أي نوع. ويُعتبر انتخاب المرأة ودخولها المجالس البلدية نقلة نوعية، تثبت أن لدى المجتمع الاستعداد والقبول بشراكة المرأة للنهوض بالوطن؛ فقد وصلت لتلك المقاعد السبعة عشر في المجالس البلدية بواسطة الانتخاب المجتمعي، لا بالتعيين والاختيار. وفي هذا السياق أنا لا أقلل من الثلاثين امرأة اللواتي تم تعيينهن في مجلس الشورى؛ فقد أثبتت الأيام مقدرتهن وكفاءتهن وحسهن الواعي ببنات جنسهن. وقد استطعن خلال دورة واحدة القيام ببعض التغيير المنشود. ولكن في التجربة الانتخابية المميزة قال المجتمع كلمته، وسمع صوته، فوثق بهن، وآمن بقدراتهن؛ فانتخبهن.
النساء في المملكة يضعن آمالاً كبيرة على مقاصد وتحركات القيادة العليا باتجاه ملامسة قضاياهن، والتخفيف من معاناتهن، وإعطائهن حقوقهن الإنسانية التي لا ينكرها دين ولا عقل. كل ذلك يحدث على الرغم من التحفظات القوية الصادرة من قِبل المستفيدين من بقاء المرأة بعيدة ومتخلفة عن الركب. وتبقى الكلمة الحاسمة هي ما تنويه وتقوله القيادة العليا.
إن الإشكاليات التي واكبت العملية الانتخابية والسياسات التي اتُّبعت من أجل تجاوزها أثبتت أننا قادرون ومهيؤون لخوض تلك التجارب الانتخابية ما دامت الحوافز متوافرة، والإمكانيات متاحة، ويظل الدعم الحكومي هو سيد الموقف.
يُعتبر وصول المرأة إلى تلك المقاعد كزخة مطرية منعشة من الزخات الوطنية التي نأمل نحن معشر النساء أن تستمر في الهطول، وكلنا ثقة بأن أولئك النسوة المنتخبات سيثبتن جدارتهن ومقدرتهن على تحقيق وعودهن الانتخابية التي تعكس كمية التحدي والإصرار على إثبات أنفسهن واستعدادهن لخدمة الدولة التي شرفتهن بالوصول لتلك المقاعد لخدمة مجتمعهن الذي وثق بهن، ومنحهن صوته.