عبدالعزيز السماري
يُتابع المواطنون والمهتمون بالشأن الوطني أخبار برنامج التحول الوطني بسقف عالٍ من الأمنيات، التي ما زالت أخباره تأتي عبر القنوات غير الرسمية، ولعل حدوثه في هذا الوقت أثار الانتباه، ولاسيما أنه يُدار تحت إشراف سمو ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والسياسية - وفقه الله -، وحسبما يتم تناقله عبر الإعلام غير الرسمي تُطرح على جلساته مواضيع في غاية الأهمية لمستقبل الوطن..
من أهمها: توجيه الاستثمار العام نحو الموارد البشرية وتنميتها، مع تطوير الخدمات الحكومية، والإسراع في تنفيذ المشروعات الوطنية الكبرى، وتطوير البيئة القانونية وتنقيتها من كل ما يقف عائقًا أمام جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز استقلالية بعض المؤسسات، ودعم وتشجيع القطاع الخاص. كما يشتمل البرنامج على خطة للحد من الفساد المالي والإداري في القطاعين العام والخاص.
سأحاول أن أفرج عن بعض من أمنياتي كمواطن، وأن أتمنى أولاً أن لا تنطبق على أخياره المقولة الشهيرة آفة الأخبار رواتها، وأن يكون ما يحدث حقيقة، وأن تكون أولى خطواته إذابة الخرسانة البيروقراطية في النظام، وإخراج المصالح الشخصية من مستقبل الوطن، وأن تبدأ خطوات حقيقية في معالجة القصور التنموي الكبير، الذي ظهرت آثاره بعد انخفاض أسعار النفط.
أتمنى أن يتم تنظيم الهرم الإداري في الحكومة على الوجه الأمثل؛ وذلك من أجل محاسبة المقصرين في تنفيذ البرامج التنموية المعتمدة، وقبل ذلك أن تخرج الوزارات من إعداد وتخطيط البرامج التنموية، وأن تتولى جهات تشريعية عليا إعدادها، وتكون مسؤولية معالي الوزير تنفيذها بدون اجتهاد شخصي.
أتمنى أن يفرض القانون كلمته على الجميع بدون استثناء، وأن تخرج جميع اللجان شبه القضائية والمتخصصة من سجنها البيروقراطي، وأن تتحول إلى محاكم متخصصة، مثلها مثل المحاكم الجزائية الشرعية، وأن يتم دعم القضاة؛ فهم واجهة الوطن الأهم، وفي استقلالهم حياة أكثر استقراراً للوطن وأبنائه..
أتمنى أن تتم معالجة إدخال السعوديين إلى سوق العمل بنسب أكثر من توظيف الأجانب، وذلك بعد أن أثبتت مخرجات برنامج نطاقات الشهير أنه يزيد بصورة غير مباشرة من استقدام الأجانب، وذلك بعد ظهور حقيقة التوظيف الوهمي على الحد الأدنى للأجور في المؤسسات التجارية، وبعد تأخير ظهور التصنيف المهني وتقدير حاجة الوطن لكل مهنة على وجه التحديد..
أتمنى أن نرى انفراجاً في مجالات السياحة والترفيه؛ فأسواق وفنادق البحرين ودبي تغص بالسياح السعوديين من مختلف الفئات؛ والسبب غياب أوجه الحياة السياحية البريئة في الوطن، وأن تبدأ تلك خطوات لطرد الكآبة من شوارع وميادين الوطن، وبدون خوف من ردة الفعل الجانبية والمتوقعة من بعض المتطرفين.
أتمنى معالجة الفساد الإداري والمالي من الجذور؛ فوضع «نزاهة» القانوني كان ولا يزال يفتقر إلى التأييد النظامي في مهمة إجراء التحقيق ورفع قضايا الفساد ضد المفسدين إدارياً ومالياً، ولو صدر قرار يمنحها تلك المسؤوليات لتوقف الفساد في زمن قياسي، على شرط أن تتوقف التدخلات لحفظ مياه وجوه بعضهم..
أتمنى أن يتم دعم الجامعات الجديدة، وعدم تركها لاجتهادات شخصية من قِبل غير المختصين، وأن يكون الدعم إما من خلال ربطها بجامعات عالمية، أو يتم الإشراف عليها من قِبل برامج تطوير متخصصة، يجعلها أكثر تنوعاً في تخصصاتها، وأن تختلف وظائفها ومهماتها من جامعة إلى أخرى حسب احتياجات المنطقة.
أتمنى أن يتم إنقاذ وزارة الصحة والمستشفيات المتخصصة من التضخم الإداري الرهيب، الذي أكل الرطب واليابس في ميزانيات الأدوية وتشغيل الكوادر الطبية، بعد أن تحول الطبيب والمهني الصحي إلى كائنات ثانوية في مكان عملهم، بدأت بعده رحلة الهروب إلى القطاع الخاص، أو العمل من تحت الطاولة فيه.
أتمنى أن يتم تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وأن تتحول إلى مادة في المناهج في المراحل التعليمية المتقدمة، وأن يتم بالفعل تعزيز هذه الثقافة الواعية في الحياة العامة، وأن تحميها القوانين والأنظمة؛ وذلك من أجل إخراج الناس من مكيدة التطرف واستغلالهم في المجهول ضد وحدة الوطن..
أتمنى أن يتم اتخاذ خطوات عملية لمحاربة التطرف في العقول، وأن يبدأ تنويرها عبر منابر المساجد وفصول المدارس، على أن العصبية والتطرف للمذهب الواحد ليسا في مصلحة الوطن على الإطلاق، وأن قبول الآخر مهما كان حجم الاختلاف أولى خطوات معالجة التطرف من الجانبين..
وأخيراً أتمنى أن يعم السلام والأمن أجواء هذا الوطن الكبير، وأن يبتعد عما يكدر صفو وحدته التاريخية. والله على ما أقول شهيد.