د. خيرية السقاف
أشك كثيراً في مصداقية الأيام الموسومة في أيام السنة التي فكر فيها أحدهم ذات حدث, أو انبثقت من موقف ما في تاريخ محدد في موقع ما من العالم, وتحديداً عند من فرضوا أنفسهم على الخريطة الكبرى, ثم تبعتهم بقية دول العالم من باب العالمية البشرية, والاتجاهات الإنسانية المشتركة..!!
تلك الأيام الموسومة التي يقيمون لها الاحتفاءات, ويتكتلون اجتماعاً من أجلها على أعلى مراتب أفرادها بأدوارهم اللصيقة باختصاصها, وفي مجالها, يدبجون لها القصائد, والخطب, ويتبارون في محافلها للتنابز بالأفكار..!
كل هذا هدر..
بلى هدر وهباء, على جميع الصعد التي ترافق هذه الاحتفاءات
فيوم حقوق الإنسان, وحقوقه منهكة, ويوم الأم وحرمتها مهدرة, ويوم الوطن وأمن الإنسان حول العالم مخترق, ويوم اللغة ولسان أهلها يجهلها , ويوم العمال وحقوقهم منتهكة, ويوم الطفولة وبراءتهم مقتحمة, ويوم المرأة, ولا تزال مكبلة بقيود النخاسة وإن ادعوا غير هذا, ويوم الأسرة وجدرها منقضة, ودعاماتها متردية..
كل هذا في كل مكان من العالم....!!
تكثر الأيام , والاحتفاءات, بينما قيم الأهداف منها منهكة مهلهلة, وعزائم العمل لتنفيذها واهنة متصدعة, وكما تطفأ أنوار صالات الأعراس بعد أن ينفض المعازيم, تُطفأ الهمم بعدها, ويذهب كل بنشوة الحضور, وغوغاء الاحتفاء, ونعومة وسائد الفنادق, وجعجعة الحفل, وأجنحة الأحلام..!!
يبدو أن الإنسان المعاصر قد رسم وهما كبيرا ثم نفخه كالبالون, ثم طيره في الهواء ثم طار معه, ولم يلحق به..!!
من أجل ذلك عذرت نفسي أن لم أستجب لدعوى الكتابة عن اللغة العربية في اليوم الموسوم بها إلى أن ألمس الأهداف, وقد تحققت على ألسنة عامتها قبل خاصتها. أو على الأقل لا نصطدم بكل لغة في شوارعنا, وأسواقنا وقد تجرحت العربية المترجِمة لها, أو غابت في مشهدها.
فعسى أن يأتي هذا اليوم قبل أن أغادر..