سعد بن عبدالقادر القويعي
قد يكون العنوان أعلاه مدخلاً جيداً لعنونة المرحلة التي تمر بها سياسة إيران الإرهابية - الأكثر اصطداماً في الإقليم -، إذ تشير التقارير الاستخباراتية عن بدء إيران سحب قوات النخبة، أو ما يُسمى «الحرس الثوري الإيراني» من العملية العسكرية التي تقودها، وتديرها روسيا في سوريا، بحسب ما ذكرت قناة العربية - قبل أيام -. وذكرت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية: أن من بين أسباب هذا الانسحاب الإيراني، الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها القوات الإيرانية في سوريا - خلال الشهرين الماضيين -، - وبالتحديد - منذ بدء العملية العسكرية الروسية - هناك -.
تدعي إيران أن انكفاء القوات الإيرانية يرجع إلى أسباب تجميعية، - خصوصاً - أن العديد من الجبهات التي شاركت فيها تلك القوات غير ذات قيمة، ولم تحقق أي تغيير، أو إضافة قيمة إستراتيجية، - وكذلك - لضمان عدم تكبيد المزيد من الخسائر البشرية لتلك القوات في سوريا. والحقيقة أن مجريات المعارك الدائرة، وتطوراتها، والنتائج على الأرض، هي التي تفرض الأهداف، وكيفية تطور المعركة ميدانياً.
لا يشك كثير من المراقبين بوجود تورّط إيراني في سوريا، ومع ذلك فقد استطاعت المعارضة استعادة زمام المبادرة على الأرض، بعد أن فتحت جبهات جديدة؛ بسبب غياب عناصر الحرس الثوري الإيراني؛ ليشكل كسراً للإستراتيجية الإيرانية في سوريا، والذي سيضر بمصالح إيران الجيوسياسية، وسيهدّد مشروع نفوذها في المنطقة. وهذا ما سعت إليه إيران عندما عوّلت على روسيا، بعد الاستنزاف الكبير الذي أصابها في سوريا، إلا أن النتائج العسكرية الروسية أتت مخيبة للآمال الإيرانية؛ فأصبح استنزافها أكبر، - لاسيما - على مستوى القيادات.
ولأن نظام الأسد في وضع لا يمكنه من الحفاظ على خطوط التواصل الحساسة؛ حتى وإن حققت إيران بعض النجاح مع الإستراتيجية - ذات المسارين على المدى القصير إلى المدى المتوسط -، وإطالة الصراع، وخلق الظروف الضرورية التي تمكّنها من الاحتفاظ ببعض قدراتها العملياتية التنفيذية في سوريا، إلا أن من المرجح أن يكون الوضع المتطور هو أن خسارة سوريا كدولة حليفة، يشكل تحدياً - وبشكل كبير - من العمق الإستراتيجي لإيران، إذ على المدى الطويل، فإن من المرجح أن يستمر تراجع النفوذ الإيراني في بلاد الشام مع خسارة الأرض.
الدعم الإيراني من أصله مثير للجدل، والأكيد أن عدد عناصر الحرس الثوري في سوريا، تقلّص كثيراً - في الآونة الأخيرة - كما تشير التقارير الاستخباراتية ؛ نتيجة مقتل، وجرح العديد منهم، خلال المعارك العنيفة التي وقعت - في الشهرين الماضيين -. واضطرت إيران إلى الإفصاح عن عدد قتلاها في سوريا، ونشر قوائم يومية بأسمائهم، وأماكن مقتلهم في المواقع، والصفحات الرسمية، وهو ما لم يحصل من قبل - خلال الثلاثة الأعوام السابقة - من عمر الصراع المسلح في سوريا. وتلك أدلة كافية على أنّ استمرار الحرس الثوري في تكبّد الخسارة تلو الخسارة، على المستوى الإستراتيجي هو مؤسس لمسار إنهاء سياسة تصدير الثورة الإيرانية بإذن الله، - خصوصاً - بعد أن تكبّد خسائر كبيرة في سوريا، في ظل عدم إمكان استثمار للجهد العسكري المستمر - منذ سنوات هناك - ؛ نتيجة الدخول الروسي على الخط.