محمد المنيف
سؤال يُطرح في الكثير من المناسبات التي تجمعني بمسؤول أو أفراد (عاديين)، أقصد من عامة المجتمع، وقد تختلف الجملة أو الوصف مثلاً (الأول، الأفضل، الأجدر) إلى آخر المسميات أو الصفات التي يقصد منها طارح السؤال معرفة؛ إما من جانب الفضول أو المعرفة كيفية التصنيف في مجالنا التشكيلي بحسب مدارسه، منها السريالية أو التجريدية أو الواقعية التسجيلية، كما هي في بقية المجالات الثقافية كالكتاب أو الروائيين أو شعراء الفصحى أو الشعبي.
ومع أن هذا السؤال يوقع من طرح عليه السؤال في حرج؛ عوداً إلى أن مثل هذه الصفات لا يمكن تحديدها أو تصنيفها أو إضفاؤها على أي مبدع وتمييزه عن الآخر؛ إِذْ إن مثل تلك العطاءات الإبداعية الإِنسانية تمر برسم بياني عند كل مؤد لها، فتارة ترتفع مساحة التميز والرضى من المبدع عن إنتاجه وأحياناً تقل إلى أن يصل الأمر إلى إلغائها إن كانت قصيدة أو لوحة أو حتى رواية أو قصة مهما طال سردها.
من هنا لا يمكن أن نقول إن فلانا هو الأفضل إلا في موقف محدد أو عمل معين مقارنة بأعمال مماثلة، يبنى ذلك الحكم على معايير متخصصة، ومع ذلك يمكن أن نمرر بعض الصفات وهي الأقرب لتحقيق الإجابة وإرضاء طارح السؤال، بأن نقول فلان غزير الإنتاج مع أن غزارة الإنتاج لا تعني الجودة، أو نقول فلان له حضور مكثف في المناسبات تبعاً للتخصصات السابقة، أما غير ذلك فمن الصعب أن نحدد أو أن نبرز شخصا على آخر.
وأتذكر هنا موقفاً عند تشكيل أول لجنة للفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون برئاسة الفنان الراحل محمد السليم في المركز الرئيسي بالرياض عام 94 هـ قبل إنشاء الفروع في بقية مناطق المملكة، وكان من بين شروط اللائحة التنظيمية للجنة أن يقبل أي شاب يرى فيه ما يستشرف مستقبلاً متميزاً في قدراته، دون النظر للعمر أو الحضور المبكر، هذا الشرط يلغي النظرة العامة التي تتبع في الحكم على الفنانين بأن من له حضور سابق فهو الأفضل، وتمنح المبدع الذي يمتلك القدرات الفرصة للدخول مع من سبقوه.
ولو عدنا إلى مجهر الساحة وضعنا كل من عليها تحت مجهر الفحص والتصنيف، كما يراه ذلك الطارح للسؤال لوجدنا الكثير من الاختلافات والفوارق ولاكتشفنا أن من منحوا صفة الأفضل والأجدر والأول والكبير لا تنطبق عليهم تلك الصفات التي أهدتها لهم الصحافة، كما هي في أفيشات الأفلام وإعلاناتها.
إلى هنا نتوقف عندما يمكن ان نصف به المبدعين بالإجماع أن كل من وضع نقطة على ورقة رساماً لتكون منطلقاً للوحة، أو شاعراً يجعل منها بداية شطر قصيدة، أو روائي ينسج بها خيالاته، فهو مبدع إلى أن ينتهي منها ويضعها أمام المتلقي الذي يقارن ويحكم ويصنف حسب رؤيته هو، وليست حكماً مطلقاً يفرض على البقية أو يغمط من حقوق الآخرين.