أحمد بن محمد الجردان
رحم الله الفقيد الداعية الشيخ صالح بن محمد الحمودي الذي معرفتي به كانت منذ أربعين عاماً حين كنّا سويا ندرس بالثانوية التجارية بالرياض وقد استمرت معرفتي به حتى توفاه الله والحقيقة أني منذ ذلك الوقت وحتى وفاته لم أعلم عنه إلا خيراً، ففي المرحلة الثانوية كنّا نمر بمرحلة المراهقة ومع ذلك لم أرَ وزملائي والمعلمون وإدارة المدرسة منه إلا خيراً ولا نشهد عليه إلا بخير؛ فقد كان في رحلاتنا البرية المدرسية يوقف لعبنا للكرة ويرفع الأذان ويصلي بِنَا وكان مبادرا لخدمتنا كريماً معطاءً، واستمر- أحسبه والله حسيبه - على هذا النهج القويم مع استمرار ابتسامته الرائعة الصادقة الخالصة ودعابته المليحة الخفيفة التي تفتح القلوب المغلقة والأهم من ذلك فهو يتمتع بسلامة صدر عجيبة جداً كما أنه ذو إغاثة للمحتاج والضعيف وهو صاحب نخوة وله مواقف في ذلك لا يتسع المجال لذكرها.
وبعد أن دخل فقيدنا المجال الدعوي عرفته وعرفه الناس ذَا صوت شجي وقلب خاشع وعين دامعة ووعظ مؤثر في النفوس وقد نجح في الدعوة - أحسبه والله حسيبه - لأنه دخلها لله دون أن يطلب بها شهرة أو مالا أو جاه أو منصبا لذا لم يتكسّب من الدعوة ويقتات منها ولم يتخذها وسيلة للدنيا وجمع المال والتبختر بمشالح الزري العريض الزاهية والعطور الفواحة التي تجاوزت الحد المعقول الى حد المبالغة والبذخ!!.
صالح الحمودي ليس من هؤلاء بل هو صنف نادر، لذا جعل الله له القبول والأثر النافع والحضور المؤثر ولَك أن تشاهد مقاطع له فستجد ما ذكرته جلياً ومن تلك المقاطع مقاطع لرحلته الأخيرة لأفريقيا فكم كان كعادته هيّناً ليناً سمحاً مقتدياً بخير البرية صلى الله عليه وسلم في دعوته فقد كانت الجارية الصغيرة تأخذ بيده صلى الله عليه وسلم لحاجتها فيمشي معها بكل تواضع ولين جانب!.
الحديث ذو شجون وأجد القلم قد عصاني هذه وما عهدته يعصاني لذا أتوقف اضطراراً عن الحديث عن زميلي وأخي الداعية الشيخ صالح بن محمد الحمودي - رحمه الله - وإلا ففي الصدر الكثير من الشجن والزفرات والعبرات ولكن العزاء وكل العزاء أنه قد رحل عنا الى من هو أرحم وأكرم وأجود منا وهو الله جل وعلا، فاللهم اللهم اغفر لأبي محمد، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره، ونور له فيه). أحر التعازي لأبيه وأمه وزوجته وذريته وإخوانه وأخواته ومحبيه آمين.