عبدالله العجلان
نعم، لمدرب الهلال اليوناني دونيس أخطاؤه، تماماً كما جميع مدربي العالم، بل حال كل البشر، لكن هل هذه الأخطاء تعني إخفاقه والمطالبة بإلغاء عقده؟ وهل نتائجه ومسيرته منذ بداية إشرافه على الفريق الأزرق تدل بحسب الحقائق والأرقام على نجاحه أم فشله؟ والسؤال الأهم: إلى متى أنديتنا ومنتخباتنا وأيضاً ثقافتنا الرياضية تتعامل مع المدربين بمزاجية وقناعات عاطفية بعيدة عن القياسات الفنية المنطقية، والرؤى العقلانية الموضوعية؛ وبالتالي تأتي قرارات الاستغناء عنهم متسرعة، وغالباً ما تكون ردود لأفعال بسبب خسارة أو لتغطية مشاكل أخرى إدارية أو مالية أو عناصرية؟..
الإشكالية في هذا الجانب أن المدرب المتمكن يُعدُّ على مستوى العالم عملة نادرة؛ لذلك فإن قرار الإلغاء لن يكون حلاً بقدر ما يزيد الأوضاع سوءاً نتيجة عدم العثور على المدرب البديل المناسب، وخصوصاً أثناء الموسم؛ لأسباب تتعلق بصعوبة تأقلمه وتعرفه على الفريق؛ ما يجعل النادي يعيش دوامة مدربين لا تنتهي. والشواهد هنا كثيرة ومعروفة، رأيناها فيما مضى في الهلال، وفي الأندية الأخرى، كما هو حاصل الآن في انتكاسة النصر مع كانافارو على عكس ما كان عليه أيام ديسلفا، ومن قبل مع كارينو. وكذلك الحال في الاتحاد حين استُبعد الموسم الماضي بيتوركا، ثم عاد للتعاقد معه بعد الاستغناء عن مواطنه بولوني. إضافة إلى ما يترتب على هذه الفوضى من إنفاق أموال طائلة دون تحقيق نتائج إيجابية أو تطورات فنية تفيد الفريق، أو على الأقل تحسِّن من أدائه.
أعود لموضوع دونيس وأقول: لو لم يقدم للهلال إلا أنه رسخ فيه وطبّق على أفراده مبدأ الانضباط، وانتشله من الضياع الفني بعد نهائي آسيا، وبعد المشوار التدريبي المأساوي لسلفه الروماني ريجيكامب، لكفاه نجاحاً وتميزاً ومبرراً للتمسك به، فضلاً عن فوز الهلال تحت إشرافه ببطولتين غاليتين أمام منافسه التقليدي النصر (كأس الملك وكأس السوبر). وزد على ذلك أنه أنهى الدور الأول وما زال متصدراً للدوري بنقاط قياسية (33) نقطة، لم يسبق أن حصدها في الدور نفسه طيلة المواسم الماضية. وكان بإمكان الهلال أن يصل إلى أبعد من هذا لولا الأخطاء الفردية من بعض لاعبيه في مباراتي الاتحاد والأهلي. وكما تلاحظون، أنا أتحدث عن أرقام، وليس كلاماً انطباعياً. وهذه مجتمعة تبدو كافية ومقنعة لإنصافه رغم وقوعه بأخطاء، لا تقلل من كفاءته، ولا تقارن بكفة نجاحاته.
· في الأهلي تعرّض المدرب جروس بداية الدوري لانتقادات شديدة، بلغت حد المطالبة بالاستغناء عنه. ولكم أن تتخيلوا لو أن إدارة مساعد الزويهري تجاوبت مع تلك الحملة، واستغنت عنه، فهل سيكون البديل بمستوى جروس؟ وهل سيواصل الأهلي تفوقه وتقاسمه الصدارة مع الهلال؟!
· لماذا يصر البعض على أن يكون هو الوصي والمسؤول والأكثر فهماً وإلماماً واطلاعاً بما يجري وما هو مفترض أن يكون ويتقرر في النادي؟
· في الهلال على سبيل المثال: لا أظن أن هؤلاء أكثر خبرة ومعرفة من رئيس النادي الأمير نواف بن سعد، ثم إن عواقب ونتائج قرار استمرار أو إبعاد المدرب دونيس سيتحملها هو وحده.
· أخيراً.. مثل هذه الحملات العاطفية والآراء الانفعالية واختزالها فقط ضد المدربين هي التي جعلت اللاعبين يشعرون بأنهم بمنأى عن النقد والمسؤولية، وأغرتهم وحفزتهم على التمادي في عبثهم وتهاونهم في أداء واجباتهم كلاعبين محترفين، يتقاضى معظمهم أكثر من نصف مليون ريال شهرياً..!