اللواء الركن م. سلامة بن هذال بن سعيدان
من المعروف أن ظاهرة الإرهاب ليست محصورة بمكان ولا محدودة بزمان، ولكن هناك بيئات تنميها وعوامل تغذيها، وحتى يتحقق وصف الإرهاب وانطباقه على الفعل الممارَس لا بد أن تتوافر فيه شروط تنطبق عليه بموجبها صفة الإرهاب، ويمكن تصنيف الإرهاب تبعًا لمستوى الجهة التي تمارسه ونوع الفعل الممارَس والخطورة المترتبة على ذلك وتداعياتها ونتائجها، وقد استفحلت ظاهرة الإرهاب وتَعدَّد رعاته وتمدَّدت أدواته بسبب التوسع في مفهوم الإرهاب ورعايته من مَنْ يدَّعي مكافحته إلى الحد الذي جعل بعض ضحاياه يسير في فلك رعاته ويتجنى على ذاته.
وعلى طريق الإرهاب المظلم بمراحله الزمنية ثَمَّةَ مراحل أكثر ظلامًا تداعى لها الكثير من التداعيات ذات التأثير المباشر وغير المباشر على الأمن والسلم الدوليين، وينطبق هذا الوصف المرحلي على ما حصل في أفغانستان عندما نشأ تنظيم القاعدة وترعرع في هذا البلد كاشفًا عن وجهه الإرهابي، وهذا النشوء وما نجم عنه من ممارسات إرهابية وجدت فيها قوى الشر ضالتها لتحقيق أهدافها الظاهرة والمستترة، وعندئذ أرادت له أن يتمدد لتستخدمه كأداة من أدواتها من جهة، وتتخذ منه شماعة من جهة ثانية، وتجعل منه فزَّاعة من جهة ثالثة، وبعض هذه القوى له دور في نشوء هذا التنظيم، وبعضها الآخر لم يكن الإرهاب جديدًا على أجهزته الاستخباراتية والأمنية وأذرعه العميلة، وهناك من يمارس الإرهاب للحفاظ على بقائه وصادف وجود تنظيم القاعدة هوًى في نفسه ليركب موجة إرهابه نحو بلوغ مآربه السياسية، والحالة لم تنتقل إليه بالعدوى، بل بيئته موبوءة وقابلة لتحريضه على الانسياق وراء رعاة الإرهاب والتعاطي مع أدواته. وتعتبر كلٍّ من إسرائيل وإيران أول مَنْ تبنَّى الإرهاب ورعاه في المنطقة لوجود أوجه شبه بين طبيعة الدولتين من حيث الصبغة الأيديولوجية الشاذة، والغاية القومية المتطرفة والنزعة العنصرية ذات السمة الشعوبية والسياسة البرجماتية، علاوةً على ما يجمعهما من التطلع إلى التوسع والهيمنة على حساب الجوار العربي.
وقد دفعت الكيان الإسرائيلي طبيعته العدوانية وغايته القومية الظالمة إلى الإمعان في الظلم والتطرف في العنف؛ فاحتلاله لأرض فلسطين، وإجبار أهلها بالقوة على قبول هذا الاحتلال، جعله يتخذ من هذا الواقع المفروض بالإرهاب حجة يحتج بها لممارسة الإرهاب والذهاب بعيدًا في الإفراط فيه إلى ممارسته رسميًّا على هيئة إرهاب دولة ضد الشعب الفلسطيني منذ ما يقارب قرناً من الزمن، واعتناق الإرهاب الرسمي في الداخل والعمل العدواني في الخارج اللذان يسوِّغ هذا الكيان لنفسه ارتكابهما محتجًّا بأمنه والدفاع عن نفسه أفضى به ذلك إلى اعتياد الممارسات الإرهابية داخل الأرض المحتلة وخارجها، والنظر إلى هذه الممارسات بأنها حق مشروع، وعادةً ما يصف إرهابه بأوصاف مستهلكة، ويتذرع بذرائع باطلة، ناهيك عن الإرهاب الرسمي الذي أصبح من لزوميات الاحتلال، ولا يجد حرجًا من أن يمارسه متى شاء، وقد يضطر هذا الكيان إلى تغليف إرهابه بالسرية والعمل في الخفاء، وإذا ما انكشف أو فرض عليه الموقف كشفه… لجأ إلى توصيفه بالدفاع عن النفس والعمل المضاد والإجراء الوقائي وغيرها من الأوصاف والمصطلحات التي تدعم نظرية الأمن الإسرائيلي المزعوم الذي يهدد من خلاله أمن الآخرين، وينعت كل من يقاومه بالكلمة أو السكين أو الحجر بأنه هو الإرهابي، مستعينًا بالإعلام الذي تسيطر عليه الحركة الصهيونية العالمية لقلب الصورة وجعل الضحية إرهابيًّا والمحتل المعتدي معتدًى عليه.
وبعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م تخندقت إسرائيل مع أمريكا في خندقها خلف ستار مكافحة الإرهاب بالشكل الذي مكنها من الوقوف في الجانب المضاد للإرهاب، جاعلةً لها مكانًا خاصًّا في نسيج الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، واكتسبت بذلك مناعة ضد المقاومة؛ بحيث أصبح مَنْ يقاومها ينطبق عليه مفهوم الإرهاب، متخذةً من هذا الأمر ذريعة لممارسة إرهابها الرسمي وعقابها الجماعي، وبالتالي مواصلة طريقها نحو تنفيذ مشروعها في المنطقة مستظلةً بظلال هذه الاستراتيجية ومتكئةً عليها.
وعلى الجانب الآخر فإن نظام الملالي مهَّد لرعايته للإرهاب بالدعوة إلى الطائفية مدعيًا محاربتها، وهو يغذيها، وينفخ في بالونها، متبنيًا مشروعًا طائفيًّا من خلال دعوته إلى نشر المذهب وتصدير الثورة وتنصيب نفسه مسؤولًا عن التشيع وإليه تعود مرجعيته، وهذا المشروع الطائفي الذي يفرضه الملالي على الداخل بالقوة ويصدرونه إلى الخارج هو الإرهاب بعينه؛ حيث تمارس السلطة الإيرانية الإرهاب الرسمي بحق المواطنين الإيرانيين وترعى الإرهاب في المنطقة عن طريق الأذرع والعملاء، مجسِّدةً إرهاب الدولة عن طريق الممارسة والرعاية.
ونشر المذهب وتصدير الثورة يشكل هذا النهج بشقيه الناعم والعنيف إرهابًا طرفه الأول مقنَّعًا والطرف الثاني سافرًا تمارسه إيران وترعاه عن طريق تبنِّيها لأقليات تعتنق مذهبها وتخدم مشروعها في عدد من الدول العربية واستخدامها أذرعًا لها، تمتطيها ضد هذه الدول بهدف التوسع وامتداد النفوذ على حساب الدول المستهدفة أو إحداث تغييرات سياسية فيها، وهذا التبني والامتطاء له مقابل بحيث تتلقى هذه الأذرع لقاء ولائها لإيران وتنفيذ أجندتها دعمًا سخيًّا منها في مجالات التمويل والتسليح والتدريب، ولم يتوقف الدعم عند هذا الحد فحسب، وإنما تطور مع مرور الزمن وتتابُع الأحداث حتى وصل الأمر إلى مشاركة إيران في القتال فعليًّا على الأرض، وتدخلها المباشر في شئون بعض دول المنطقة بغيةَ العبث بأمنها والنيل من استقرارها، كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين، وما آلت إليه حالة الشعوب فيها من التذبذب بين الأمن والخوف، وكما قال الشاعر:
والغدر في الناس طبعٌ لا تثق بهم
وإن أبيت فخذ في الأمن والوجلِ
وقد انعقدت نية إيران على رعاية الإرهاب منذ الثورة الإيرانية، ومن أقوى أذرعها وأكثرها إخلاصًا في المنطقة حزب الله اللبناني، وهو تنظيم سياسي له جناح عسكري، تحول مع الوقت إلى دولة داخل الدولة اللبنانية، مما أدى إلى شل عمل الحكومة وتعطيل دور مؤسساتها؛ بحيث تركها تبدو كالمعلقة عاجزة عن الاضطلاع بمسؤولياتها والقيام بواجباتها، حتى أنها انحدرت إلى الحضيض الذي أصبحت بسببه عالة على الوطن بدلًا من أن تعوله وتدير شئونه، وهذا الحزب يدين بالولاء المطلق لإيران، وينفذ أجندتها، ويمارس الإرهاب بأوامرها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، مثبتًا أنه الذراع الطويلة لها والوكيل الأمين رهن إشارتها، وسجله الحافل بالعمليات الإرهابية يشهد على اقترافاته وممارساته في عدد من الدول استجابةً لتوجيهات النظام الإيراني مقابل ما يتمتع به من الدعم والرعاية، والنظام السوري يشارك إيران في رعاية هذا التنظيم الإرهابي والاستفادة من إرهابه باعتبار المواقف أحيانًا تتطلب من الذراع الرسمي في سوريا أن يكون وسيطًا بين إيران وبين ذراعها اللبناني في إنجاز ما تستدعي الضرورة إنجازه خارج التعامل المباشر، والأطراف الثلاثة يجمع بينها الانتماء التعسفي والمشروع الطائفي والقاسم المشترك بين النظام السوري والتنظيم اللبناني هو التبعية والعمالة للأجنبي بشكل يتجافى مع الانتماءين الوطني والقومي، ورغم أن هذه الأطراف ترعى الإرهاب وتمثل أدوات لتنفيذه؛ فإنها تمارسه باسم مكافحته، وتطلق على خصومها صفة التكفير والإرهاب، وتنعتهم بنعوت تنطبق عليها أشد الانطباق.
والواقع أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تداعى لها من تداعيات أدت إلى تعدد تعريفات الإرهاب وتشعب مفاهيمه، وشكلت مرحلة فاصلة في تاريخ هذا الإرهاب وقلبت الموازين التي توزَن بها استهدافاته وكيفية مكافحته، وخلطت عملًا صالحًا بآخر سيئ بالنسبة لمكافحة هذه الآفة؛ حيث فسحت المجال للبعض بأن يرعى الإرهاب من حيث يدعي مكافحته، وأصبحت الطرق الموصلة إلى مكافحة ذلك الوباء تُستغَل من قبل أولئك الذين يطرقونها للرعاية بدلًا من المكافحة، وطغى مفهوم الإرهاب على ما عداه من المفاهيم الأمنية والسياسية؛ الأمر الذي دفع أمريكا ومَنْ يترسم خطاها أو يدور في فلكها إلى ممارسة الإرهاب باسم مكافحته، وصار الأمن الداخلي هو الشغل الشاغل للدول المستهدَفة في أمنها والمغلوبة على أمرها، وذلك على حساب سيادتها وأمنها القومي، وتلك القوى الغالبة تضخم ظاهرة الإرهاب لترهب بها غيرها وتستثمرها بما يخدم مصالحها، كما تُجَرِّم الإرهاب على المستويات الدنيا وتغض الطرف عن إرهاب الدولة، متخذةً من عبارة الإرهاب وغموض مفهومها سبيلًا لتحقيق الأهداف دون تحديد كنهها والغوص في مدلولها.
وعلى هذا الأساس تطور مفهوم الإرهاب، ونحت مكافحته منحًى خطيرًا بعد أن توسعت الولايات المتحدة الأمريكية في تعريفه كيفما يحلو لها، معطيةً لنفسها الحق في تفسير الإرهاب وتطبيق مفهومه على الحالات التي تخدم مصالحها والتوسع في ذلك إلى الحد الذي يتيح لها انتهاك سيادة الدول تحت غطاء المكافحة التي تبيح لها ما لم تبح لغيرها، وتفتح الباب أمام البعض ليرعى الإرهاب مستفيدًا من ادعاء مكافحته على نحو أصبحت معه عملية مكافحة الإرهاب مظلة لرعايته، وانفسح المجال للأنظمة المستبدة لتركب موجة الإرهاب، متسلحة بسلاح الشماعة عند الاقتراف والفزاعة عند الاستهداف.
وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر التي تحوم الشكوك حول منفذيها، ترتب عليها تجسيد شكلٍ من أشكال إرهاب الدولة الذي تم تغليفه بغلاف مكافحة الإرهاب من خلال استراتيجية أمريكية انفردت بالقرار وهمَّشت الآخرين، متجاهلةً القانون الدولي ومعطيةً لنفسها الحق بشأن تكييف وتطبيق هذا القانون، بما في ذلك توجيه تهمة الإرهاب وإعطاء صك البراءة بما يؤكد الدور الأمريكي ويخدم المصالح الأمريكية.
ونتيجةً لهذه الأحداث اعتبرت أمريكا نفسها في حالة حرب مستمرة ضد الإرهاب، وساحة هذه الحرب ليست مقصورة على مكان معين، كما أن مباشرتها تتم بشكل تلقائي دون الرجوع إلى الأمم المتحدة أو حتى أخْذِ رأي الجهة التي استدعى الموقف محاربة الإرهاب على أراضيها، وإنما يتم ذلك بموجب قرار أمريكي، يتوقف حق تفسيره وتفعيله على الإدارة الأمريكية ذاتها وقتما ترغب، بوصف الحرب مع هذا العدو المسمى بالإرهاب تمثل حربًا مفتوحة على كل الاحتمالات دون أن يحدها حدود مكانية ولا زمانية.
وعلى أثر التفجيرات تعززت الهيمنة الأمريكية وبلغت أوجها بسبب استفزاز القوة من جانب والتعاطف الدولي من جانب آخر، وتحول دور حلف الأطلسي من الدفاع عن أراضي دول الحلف إلى الدفاع عن المصالح المشتركة لهذه الدول خارج حدود أراضيها، وما يعنيه هذا التحول من القيام بالهجوم ضد أية أخطار حقيقية أو مزعومة قد تهدد هذه المصالح في أي مكان واختلاق الذرائع والمبررات للقيام بهذا العمل، ومن هنا تم غزو أفغانستان واحتلالها لمحاربة تنظيم القاعدة في هذا البلد، وكما أن هذا الغزو يعتبر عملية غير مسبوقة لمقاومة الإرهاب ومحطة بارزة على طريق مكافحته، فإنه وفَّر بيئة صالحة لتمدُّد عناصره ورعايته، والقتال الدائر في أفغانستان آنذاك رأت فيه إيران فرصتها، ووجدت على هامشه بغيتها؛ لتكون ملاذًا لعناصر إرهابية تخدم مشروعها في المنطقة مقابل الملاذ والرعاية؛ بحيث تستخدم إيران هذه العناصر الإرهابية ضد دول الجوار، وفي الوقت نفسه تلعب على ورقة محاربة الإرهاب أمام القوى التي تحاربه في أفغانستان، وتسوِّق لنفسها شريكًا في مكافحة الإرهاب الذي أريد له أن يكون عربيًّا سنيًّا للإيقاع بالعرق العربي والمذهب السني.
ومما لا يرقى إليه الشك أن تنظيم القاعدة مخترق من قِبَلِ بعض القوى التي تحاربه وتوسع الاختراق بعد إعلان الحرب عليه واحتلال أفغانستان، ومن هذا المنطلق فإن الوجهة التي يمكن أن تتجه إليها عناصر التنظيم خارج أفغانستان تتحكم فيها طبيعة الاختراقات وحقيقة الممكن من الخيارات، وبين الهروب من المعلوم والخوف من المجهول ذهب بعض عناصر التنظيم إلى اليمن سواء بإرادة الاختيار أو أريد لها ذلك بالاختراق، وبدلًا من أن يستقبل النظام الحاكم هذه العناصر بالمكافحة استقبلها بالتبني والرعاية واستخدمها أداة له في الاغتيالات وتصفية الخصوم ووسيلةً لابتزاز الدول التي تكافح الإرهاب، وتوثقت العلاقة بين الأجهزة الأمنية للنظام وبين التنظيم إلى الدرجة التي أصبح التنظيم يدار من قبل الأجهزة الأمنية ويأتمر بأمرها كأنه أحد أعضائها.
وقد دأب رئيس اليمن المخلوع طيلة سنوات حكمه على ممارسة الإرهاب الرسمي بحق المعارضين له، وضرب رقمًا قياسيًّا في الغدر والخيانة واتباع سياسة فرِّق تسُد عن طريق شراء الولاءات وصناعة العداوات، مستخدمًا أجهزته الأمنية سيفًا مسلطًا على رقاب المواطنين حتى أنه وكل إلى أقاربه مهمة إدارة هذه الأجهزة، مضيفًا إلى حكم اليمن من خلال القبيلة حكمها عن طريق الأسرة توطئةً لتوريث السلطة، وهل يرجى مِنْ مَنْ هذا حاله أن يحارب الإرهاب الوافد طالما هو يرعى الإرهاب المحلي، إذ إنه من غير المنكور أن ثمة عناصر من تنظيم القاعدة وفدت إلى اليمن، ولكن المخلوع من خلال أجهزته الأمنية اخترقها وسخرها لخدمة أغراضه بعد أن موَّلها وطوَّعها وجعل من نفسه راعيًا لها، خاصةً وأن عناصر تنظيم القاعدة لم تأت إلى اليمن بالمصادفة، وإنما أتت بين إرادة الاختيار والاختراق، ومن هنا التقى إرهاب السلطة المحلي في الداخل بالإرهاب القادم من الخارج، وبلغ الاختراق غايته واتفق الطرفان على أهداف الإرهاب والقنوات التي يتم التواصل عبرها والدور المطلوب من كل من الراعي والأدوات.
وقد تمرس مخلوع اليمن إبان رئاسته على خبث المساعي والرقص على رؤوس الأفاعي، وذلك من خلال اللعب بأوراق العداوات والإيقاع بين خصومه وتأليب بعضهم على بعض، فتارةً يدعم الحركة الحوثية ضد السلفية، وتارةً ثانية يتظاهر بمناصرة السلفية ويوقع بينها وبين الحركة الحوثية، وتارةً ثالثة يثير المشاحنات الحزبية والنعرات القبلية؛ ليجد مكانًا مناسبًا لشراء الولاءات ونصب المصائد وإثارة المكائد، كما خاض حروبه مع الحوثيين على هذا النحو؛ بحيث يتسلق من حبل إلى آخر لتحقيق مآربه دون أن يأبه بنصر أو هزيمة، وعينٌ على المال الخليجي والعين الأخرى تركز على المذهبية الزيدية وتوريث السلطة، ويمتد نظرها عبر الطائفية إلى الوعود والضغوط الإيرانية مع العزف على وتر مكافحة الإرهاب كلما وجد إلى ذلك سبيلًا لقمع الخصوم وتصفيتهم من جهة، والاستفادة من الدعم الخارجي، وبالتحديد الدعم السعودي والأمريكي من جهةٍ أخرى، خاصةً بعد انضمام اليمن إلى الحرب الأمريكية على الإرهاب وقَبْضُ ثمن هذا الانضمام ماليًّا وسياسيًّا وعسكريًّا.
وبعد اندلاع الثورة اليمنية وخَلْعِ المخلوع وتنحيته عن سدة الحكم؛ ظهر على حقيقته وكشف عن الروح الانتقامية التي يتصف بها والمخططات الخيانية التي يبيِّتُها ضد اليمن واليمنيين، منضمًّا إلى الحركة الحوثية، ومسخرًا لها القوات العسكرية الموالية له بالشكل الذي مكنها من الانقلاب على الحكومة الشرعية والإمعان في قتل الشعب اليمني واستباحة الوطن وتحويله إلى خراب يباب. وانطلقت عاصفة الحزم وبعدها إعادة الأمل والسهم الذهبي واستعاد اليمن عافيته على أيدي أبنائه من القوات الوطنية والمقاومة الشعبية، وعندما أدرك المخلوع أنه على وشك الغرق وأن الدائرة ضاقت عليه وجرت رياح الحرب بما لا يشتهي؛ تذكر آخر ما في جعبته من المكر والخيانة، فأوعز إلى أدواته الإرهابية التي يرأسها أحد ضباط أمنه بالقيام بعمليات إرهابية ونسبتها إلى تنظيم الدولة؛ لينسجم ذلك مع ما يحدث في سوريا والعراق، لعله يظفر بما ظفر به النظام السوري الذي جعل سوريا بلدًا محتلًّا للروس والفرس، وثمة خلال من تعامل بها ارتدت عليه وهي البغي والمكر والنكث، وكما قال الشاعر:
أخلق بمن رضي الخيانةَ شيمةً
أن لا يُرى إلا صريعُ حوادثِ
ما زالت الأرزاء تلحق بؤسها
أبدًا بغادر ذمة أو ناكث