د. عبدالعزيز الجار الله
أصبحت الميزانية إحدى أجندة المجتمع الحياتية، بل أصبحت واحدة من تقاليده، فالميزانية تهم وتعني العاملين في المجال الاقتصادي والسياسي والمالي والمقاولات وعموم العمل التجاري، لكنها بالتأكيد لا تعني جميع أفراد المجتمع، لكنها في المسلك الحالي أصبحت ضمن اهتمام العائلة الصغيرة (البيت جديد التكوين)، فقبل الميزانية بأكثر من شهرين تتعطل تقريبا بعض الدوائر الحكومية خاصة قطاع الخدمات: البلديات، التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية، المياه، الكهرباء باستثناء تنفيذ العقود القديمة تعمل لصرف مستحقاتها.
الجميع يؤجل أعماله إلى ما بعد صدور الميزانية الجديدة بحوالي الشهر أي لحين توزيع البنود ثم وصولها للوزارات وبدء العمل بها، بمعنى أن هناك تعطيلاً يصل إلى (3) أشهر بالسنة، وهي مبادرة شخصية من بعض الوكالات الإدارية تلقاها القطاع الخاص وعمل بها، ثم تلقاها المجتمع وأصبحت من تقاليده السنوية تأجيل الأعمال إلى ما بعد الميزانية، فهذا يحتاج إلى ضبط إداري لانه من هدر المال وهدر الطاقات.
قطاعات لا علاقة لها مباشرة مع أعمال الميزانية، وإدارات ووكالات في الوزارات لا علاقة لها بعمل الميزانية، ورغم ذلك تعطل أعمالها، وبالتالي تتعطل مصالح الناس، وتتعرض بعض الجهات والمصالح إلى الخسارة المالية، فيصبح هناك تعطيل لدورة الأعمال اليومية لا مبرر لها، ويقابله تسيب بالعمل وتراخٍ في الاداء بحجة الميزانية.
الاداء المالي في العالم تغير والميزانيات أصبحت تتمتع بالمرونة، واقتربت المسافة بين الميزانيات الورقية والفعلية فهي متقاربة وواقعية، حتى أن الوزارات بدأت تحول نقاشاتها في داخل الوزارة، ومع وزارة المالية بالنقاش الواقعي، وربما تعرف سلفاً ما سيخصص لها من مشروعات، لذا فإن تعطيل الأعمال من قبل وزارات الخدمات أسس نمطاً من السلوك الإداري السلبي لدى العديد من الإدارات المالية والإدارية والمشتريات، ووكالات المباني والهندسية وإدارات الصيانة والتشغيل والمستودعات، فهذه الوكالات والإدارات حيوية في جسد أي وزارة، تعطيلها بهذه الصورة خسارة للدولة ولقطاع الأعمال.
الميزانية الحالية تدار بفكر وثقافة وفلسفة جديدة، وبالتالي لا بد أن ينعكس السلوك الإداري الجديد على الاداء الوظيفي، ويوقف التعطيل وحرمان الآخرين من حقوقهم تحت عبارة (الذي عند الدولة ما يضيع) فالجميع يقدر الثقة والقوة المالية لكن هناك الوقت - الزمن - والارتباطات المالية للمتعاملين مع قطاعات الدولة من العملاء ومن الموظفين.