نجيب الخنيزي
أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم الاثنين 28 من شهر ديسمبر الفائت في قصر اليمامة بمدينة الرياض الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1437 - 1438 كما أصدرت وزارة المالية بيانا بمناسبة صدور الميزانية أوضحت خلاله النتائج المالية للعام المالي الحالي 1436 - 1437 هـ، (2015م) واستعرض الملامح الرئيسية للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1437 - 1438 هـ (2016 م) ومن أبرز ما جاء فيه: إن النتائج المالية للعام المالي الحالي 1436 - 1437 (2015م): يُتَوَقَّع أن تبلغ الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي (608) ست مئة وثمانية مليارات ريال بانخفاض قدره (15) بالمئة عن المقدر لها بالميزانية، وتمثل الإيرادات البترولية (73) بالمئة منها، والتي من المتوقع أن تبلغ (444.5) أربعمائة وأربعة وأربعين ملياراً وخمس مئة مليون ريال بانخفاض نسبته (23) بالمئة عن المقدر في العام المالي السابق 1435 - 1436 (2014م). وتضمن البيان أن المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي يتوقع أن تبلغ (975) تسع مئة وخمسة وسبعين مليار ريال مقارنة بتقديرات الميزانية البالغة (860) ثمان مئة وستين مليار ريال، وذلك بزيادة قدرها (115) مئة وخمسة عشر مليار ريال، وبنسبة (13) بالمئة، بعجز متوقع قدره (367) ثلاث مئة وسبعة وستين مليار ريال، كما تحدث وزير المالية عن عناصر الميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم 1437 - 1438 (2016م): حيث بين أن الإيرادات العامة: قُدِّرَتْ بمبلغ (513.8) خمس مئة وثلاثة عشر ملياراً وثمان مئة مليون ريال وحددت المصروفات العامة بمبلغ (840) ثمان مئة وأربعين مليار ريال. وقُدِّرَ العجز في الميزانية بمبلغ (326.2) ثلاث مئة وستة وعشرين ملياراً ومئتي مليون ريال . وأشار بيان وزارة المالية إلى تطورات الاقتصاد الوطني حيث من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام 1436 - 1437 (2015م) وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء (2.450) ألفين وأربع مئة وخمسين مليار ريال بالأسعار الجارية بانخفاض نسبته (13.35) بالمئة مقارنة بالعام المالي السابق 1435 - 1436 (2014م). ومع أن مخصصات القطاع الأمني/ العسكري (25%) تصدرت قطاعات المصروفات في ميزانية (2016) غير ان قطاع التعليم والتدريب والقوى العاملة جاء في المرتبة الثانية في حين جاء قطاع الخدماتالصحية والتمية الاجتماعية في المرتبة الثالثة حيث بلغت نسبة القطاعين الأخيرين أكثر من 35%. تضمنت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حول الميزانية «أننا وجهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، وهذه الميزانية تمثّل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل».
استنادا إلى الشفافية التي تضمنتها الميزانية وخصوصا لدى التطرق لتأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تعاني منها كافة الدول، و بما في ذلك الدول المتطورة والغنية في العالم، وخصوصا الهبوط الحاد في الإيرادات المالية للدولة جراء الانخفاض الحاد في أسعر البترول والذي فقد أكثر من 50% مقارنة بنهاية عام 2014 ، وهنا علينا أن نقف عند الثغرات والعقبات التي تواجه اقتصادنا الوطني ومسار تطوره و التي لا تزال تعترض مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يعني عدم الاستكانة إلى المسكنات والحلول المؤقتة ومحاولة تدوير أو ترحيل الأزمة والمشكلات النابعة عنها والتي يأتي في مقدمتها إيجاد الحلول للمعضلة الرئيسية التي تجابه اقتصادنا الوطني وهي الاعتماد شبه الكامل على قطاع واحد وهو استخراج النفط الذي يشكل قرابة 90 في المائة من الصادرات وما بين 70% إلى 90 % من إيرادات الدولة، وأكثر من 60% من الدخل الوطني الإجمالي.
علينا الانطلاق من حقيقة لا يمكن القفز عليها وهي كون اقتصادنا لا يزال إلى حد كبير ريعيا أحادي الجانب حيث مجمل العملية التنموية والدخل الإجمالي والميزانية العامة للدولة أسيرة لتذبذبات أسعار النفط ارتفاعا وهبوطا ما يعكس اختلالا وتشويها واضحا في التوازن الاقتصادي المطلوب. وفي الواقع فإن مجمل العملية الاقتصادية والتنموية وتأثيراتها على المستوى الاجتماعي، تعود إلى اعتماد اقتصادنا على إنتاج سلعة واحدة «النفط» ناضبة مهما طال عمرها الافتراضي، لهذا نرى التأرجح والتذبذب الصارخ على صعيد الموارد والميزانية العامة للدولة والدورة الاقتصادية ومستوى دخل الفرد وأوضاعه المعاشية والحياتية التي ترتبط بدرجة أساسية بمواردنا من النفط وهذه حالة غير صحية على الإطلاق. إذ لا يمكن لأي اقتصاد نام أومتطور في العالم أن يستمر في الاعتماد على إنتاج سلعة واحدة مهما بلغت أهمية واستراتيجية هذه السلعة. خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار الضغوط المختلفة التي تتعرض لها بلدان العالم الثالث المتخصصة أو المعتمدة على إنتاج المواد الخام أو سلعة واحدة. هناك العديد من القضايا الرئيسية الجدية العالقة ( التي لا تزال عصية على الحل لأسباب وعوامل مختلفة ) في بلادنا لم تستطع الموازنات السنوية وخطط التنمية (تسع خطط خمسية) المتتالية إيجاد حلول ناجعة لها حتى الآن. وذلك لا يعني بتاتا إغفال أو تجاهل ما تحقق من منجزات حقيقية على مدى العقود الماضية على صعيد التنمية وقطاع الخدمات والموارد البشرية والمشروعات الاجتماعية، وقد أسهمت الإيرادات النفطية بدور رئيسي في ذلك. وللحديث صلة .