صيغة الشمري
يظل الفكر يلعب دوراً مهماً وحساساً في كل شي، العقل كلما تم تحكيمه في ما سواه كان مثل طوق النجاة الذي يمنحك الحد الأدنى من الأداء، العقل كان الأداة البشرية الأولى والأخيرة التي تم استخدامها لتطوير البشرية، كل فكرة لا يتم اخضاعها للعقل تخرج عن طور كونها واقعية ولا تجد قبولاً بين الناس، وتزداد الخطورة إن كانت هذه الفكرة تختص بالتسويق أو تندرج تحت بند المسؤولية الاجتماعية،
لا تستطيع أن تسوق للناس منتجاً يحوي على فكرة غير واقعية أو لا تراعي ثقافة المجتمع الذي أنت فيه، لا زالت بعض المنشآت سواء الحكومية أو الخاصة تنتهج الفكر القديم في تقديم نفسها للجمهور أو المجتمع، وكأنها تعاني من رهاب الظهور، فتجدها تنتهج افكارا مسبوقة لمنشآت أخرى أو تنفذ فكرة بالية على استحياء ودون دعم لازم لإنجاح الفكرة من جميع الجوانب، عندما ذهب البريد السعودي لدعم رحلة أحد الشباب السعودي للقطب الشمالي ما الذي كان يريد أن يقوله لنا؟! وبالذات في هذه الظروف الصعبة التي نريد خلالها توجيه الانظار والاهتمام لحدنا الجنوبي بدلاً من توجيهها للقطب الشمالي دفعة واحدة، ثم ان الذهاب للقطب الشمالي لم يعد يحمل جديداً، هذا عدا كلفته المادية الباهظة التي تمنيت استبدالها بفكرة قديمة مثلها ولكن أكثر جدوى منها، مثلاً شراء تقاويم ميلادية وتوزيعها بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، فكرة حتى لو كانت بالية لكنها أحفظ لماء الوجه من هدر عشرات الألوف على فكرة ذهاب شاب للقطب الشمالي، كنت اتمنى ممن يقودون الدفة في البريد السعودي أن وجهوا اهتمامهم في رفع شعار البريد عبر افكار تدعم حدنا الجنوبي وجنودنا الأبطال في جهادنا ضد الحوثي المدحور، إن مثل هذه الأفكار البالية تسيء للمنشأة أكثر مما تنفعها وتسلط الضوء على سلبياتها وتكشف ماكان مخفيا من ضعفها، كل فكرة تسويقية أو خيرية لابد أن تكون واقعية وتراعي ظروف المجتمع وتضع توجهات الرأي العام وثقافة المجتمع في الحسبان حتى لا يضيع الجهد والمال هباءً منثوراً بل قد تتضرر المنشأة بدلاً من أن تستفيد، هذا لا ينكر جهود البريد السعودي في بعض النجاحات لكن تمويل رحلة للقطب الشمالي في هذا الوقت ساهمت في زيادة التساؤلات السلبية حول هذه المنشأة القريبة لقلوبنا، والتي لا زالت تعاني من تحسن بطيء جداً في كسب الثقة وتجميل الصورة!.