محمد بن فهد العمران
مع إعلان الدولة - حفظها الله - مؤخراً عن فك الدعم لأسعار الطاقة (بنزين وديزل ونفط ثقيل وغاز ولقيم الإيثان ولقيم الميثان إلخ) إلى جانب فك الدعم لأسعار الكهرباء والمياه تزامنا مع إعلان الموازنة المالية لعام 2016م، كان من الطبيعي أن نشاهد الشركات المدرجة في السوق المالية تتسابق بالإعلان عن الأثر المالي المتوقع لفك الدعم، استناداً إلى نظام السوق المالية السعودية ولوائحه التنفيذية التي تلزم عموم الشركات المدرجة بالإفصاح الفوري عن التطورات الجوهرية حين حدوثها، وذلك لحماية المستثمر من أي معلومات متأخرة أو مضللة قد تؤثر على قراره الاستثماري.
على الرغم من أن غالبية الشركات لم تعلن عن الأثر المالي المتوقع ولا تزال تحتاج إلى وقت أطول، إلا أن هناك شركات أعلنت عن الأثر المتوقع حيث انقسمت إلى فئتين: فئة أعلنت أرقاماً مطلقة دون أن تحدد أن هذه الأرقام تخص ماذا بالضبط (صافي الربح، إجمالي الربح، صافي الأصول، إجمالي الإيرادات، إجمالي التكاليف) مثل شركات بترورابغ واللجين، وفئة أخرى أعلنت عن نسب مئوية من التكاليف (بعضها إجمالية وبعضها متغيرة) وتركت للمستثمر حرية تفسير كلمة «تكاليف»، كما لو أن الجميع سيفهمها مثل شركات سابك وسافكو، وهنا يحق لي أن أتساءل: لماذا انقسمت الشركات في طريقة الإفصاح؟ أليس هناك لائحة رسمية تنظم هذا الأمر؟
بالنظر إلى لائحة (أو قواعد) التسجيل والإدراج المعتمدة من قبل هيئة السوق المالية، سنجد أن الفقرة ب من المادة 41 عرفت التطورات الجوهرية بمعايير مختلفة من أهمها أنها ما يؤثر بأكثر من نسبة 10 بالمئة من صافي الأصول أو إجمالي الأرباح، إلا أنها بالتأكيد لم تتضمن الإفصاح عن أرقام مطلقة ومبهمة (لا ندري إن كانت تعني الأصول أو إجمالي التكاليف أو صافي الأرباح) ولم تتضمن أيضاً نسبة من التكاليف الإجمالية أو التكاليف المتغيرة !!! بل إن المضحك أن بعض الشركات أعلنت نسباً مئوية تقل عن نسبة 10 بالمئة على أنها تطورات جوهرية بينما اللائحة لا تلزمهم الإعلان أساساً عن مثل هذه الحالات، فلماذا أعلنوا إذن؟
من وجهة نظري الشخصية، فإنَّ الأثر المالي لبعض هذه الشركات سيكون انخفاضا في صافي الربح بنسبة لن تقل عن 20 بالمئة وربما أكثر من ذلك، (وأعتقد أن النتائج المالية في الربع الأول من 2016م ستكون هي الفيصل) بينما تقوم هذه الشركات الآن بمحاولات للتضليل والمراوغة وكسب الوقت أمام مساهميها باختراع كل شركة لتفسير خاص بها لكلمة «التطورات الجوهرية» وحسب الرؤية الخاصة لكل شركة، كما لو أن لائحة التسجيل والإدراج لم تحسم هذا الجدل، والمؤسف أن كل هذا يحدث بمباركة من مسؤولي هيئة السوق المالية الذين يقفون موقف المتفرج (أو بالعامية أخذوا وضعية المزهرية) !!
على كل حال، تشير التقديرات إلى أن حجم الدعم الذي تخسره الحكومة في قطاعات الطاقة والكهرباء والمياه يقدر بأكثر من 400 مليار ريال سنوياً، بينما صافي الربح المجمع للشركات المدرجة لا يتجاوز 112 مليار ريال سنوياً، وهذا يعني أن فك الدعم حتماً سيكون له تأثيرات كبيرة على صافي أرباح الشركات بداية من عام 2016م خصوصاً أن فك الدعم أتى بنسب كبيرة بعضها بلغ 133 بالمئة والبعض الآخر بأكثر من 60 بالمئة، بينما يعتقد بعض مسؤولي الشركات أن الدولة قامت بفك الدعم لأجل توفير نسب متواضعة لا تتعدى 5 أو 8 بالمئة فقط، وهو أمر مضحك حقاً !!!