عماد المديفر
السبت الماضي، كان يوماً عظيماً من أيام الله.. أخذت العدالة مجراها، ونُفِّذ شرع الله بمجموعة إرهابيين مفسدين في الأرض.. إنها العدالة التي قامت عليها شريعتنا الإسلامية الغراء.. إجراءات عدلية قضائية معلنة وشفافة ودقيقة مَرَّت عليها كل قضية من قضايا الـ 47 إرهابياً.. شهدها عدد كبير من أهالي الضحايا وعدد من وسائل إعلام ووكالات أنباء دولية، ومؤسسات وجمعيات حقوقية محلية وعالمية.. فمن أبسط حقوق الإنسان الضحية أن يُقتص له من المجرم، ويُدان الإرهاب.. ويعلو صوت الحق والعدل، ليستتب الأمن، وننعم بالسلام.
إنّ حربنا على الإرهاب قديمة، قدم ظهور تنظيمات الإسلام السياسي، والتي ولّدت لنا اليوم جميع ما نراه من تنظيمات إرهابية وحشية جبانة تستخدم اسم الدين، والدين منها براء.. ولست أبالغ إن قلت بأن المملكة العربية السعودية هي أول دولة في العالم حاربت الإرهاب، وواجهته بكل حزم، فالإرهاب لم يستهدف بلداً كما استهدف بلادنا، كونها قبلة المسلمين، وموئل أفئدتهم، وحصنهم الحصين، وجدارهم الرفيع، وسدهم وسندهم المنيع، فالإرهاب في حقيقته يستهدف الإسلام والمسلمين بالدرجة الأولى.. وبالتالي وجب علينا أن نكون في مقدمة محاربي الإرهاب على جميع الصعد .. فكرياً وأمنياً وإعلامياً.. وللمملكة تجربة ناجحة في ذلك، منذ حركة جهيمان التي احتلت الحرم المكي الشريف بُعيد ما يسمّى بـ «الثورة الإسلامية» في إيران، حيث شجع نظام «الولي الفقيه» على هذا الأمر كما هو مثبت تاريخياً في تصريحات صدرت عنه حينها، مروراً بالأعمال الإرهابية والتفجيرات التي قام بها أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الكويت في مواسم حج 1986، 1987 و 1989م، والتفجيرات التي قام بها حزب الله الحجاز في الخُبَر عام 1995م، وبتزامن مع «القاعدة» وتفجيرات حي العليا في الرياض في ذات السنة، وليس انتهاءً بما تلاها من سلسلة تفجيرات وأعمال إرهابية لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» ابتدأت في مايو 2003م، حيث رصدت قوات الأمن السعودية إشارة (ساعة الصفر) لهذه العمليات عبر مكالمة حملت تعليمات البدء بتنفيذ سلسلة التفجيرات الإرهابية ذلك الحين، وقد كان مصدر إشارة (ساعة الصفر) هذه من داخل «إيران» وتحديداً من الإخواني المصري والقيادي البارز في تنظيم القاعدة «سيف العدل» والمقيم معززاً مكرماً في إيران.. واستمرت عمليات القاعدة حتى عام 2005م، حيث أفشلناها تماماً وقضينا عليها بفضل الله ثم بفضل ما نتمتع به من إمكانيات أمنية ومخابراتية ممتازة.. واليوم يعود الإرهاب عبر تنظيمات «داعش» و «حالش» و «ماعش» في العراق وسوريا و «أنصار الله الحوثيين» و»القاعدة» في اليمن والذين لا يتوانون جميعاً عن التصريح علناً والتهديد بغزو مكة المكرمة.. وها نحن نحقق النجاحات والانتصارات عليهم يوماً بعد يوم بفضل من الله وعونه، ثم بتكاتفنا وتعاضدنا صفاً واحداً ضد الإرهاب بكافة أشكاله، وليأتي التحالف الإسلامي ضد الإرهاب ليتوج هذه الجهود، ويوحد الصفوف.. وهو ما دعا العدو للتخبط تخبط المنازع، لماعلمه من دنو أجله، وقرب فشله..
وكنت قد سُئلت عن سبب ما تتعرض له المملكة من حملات إعلامية هجومية من قِبَل الغرب خلال الفترة الماضية، وبالأخص الإعلام البريطاني، وكانت إجابتي واضحة بأن هذا الأمر ليس بالجديد، فالمملكة منذ قيامها، ولما تمثله من رمزية، وهي تواجه الإرهاب والتطرف تماماً، كما تواجه تلك الحملات الدعائية المضللة التي تستهدفنا لربط صورتنا كمسلمين بالإرهاب.. بل إن هذه الحملات الإعلامية التي تهاجم المملكة ليست مقتصرة فقط على ما يصدر من بعض الجهات الغربية، بل أيضاً، تواجه المملكة وباستمرار كَمَّاً من التشويه والدعايات المضللة المعاكسة من جماعات «الإسلام السياسي» والشخصيات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، سواء أكانت تدعي أنها «سنّية» أو «شيعية»، تهدف إلى الإساءة لصورة المملكة الذهنية لدى الرأي العام الإسلامي وربطها بما تسميه «محور الغرب المعادي للإسلام» أو «التصهين» أو غيره .. بل وتكفرنا وتكفر الدولة السعودية برمّتها حكومة وشعباً، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن «داعش» أو «النصرة» أو «القاعدة» و «الإخوان المسلمين» .. بل أيضاً «حزب الله» و «أنصار الله» أو «الحوثيين» والحرس الثوري الإيراني وما تبعه من تنظيمات وتشكيلات إرهابية .. وهذا قدر المملكة وقدر العرب والمسلمين جميعاً .. أن يواجهوا مثل هذه الحملات التي تستهدف الإسلام والمسلمين، كما واجهها قدوتنا سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. وكما واجهها الصدر الأول من الإسلام وإلى يومنا هذا..
إن هذه التنظيمات الإرهابية وما تحمله من فكر، دخيلة على الإسلام والمسلمين، وتستهدف المسلمين بالدرجة الأولى.. وسيلاحظ المتابع أن هذه الحملات تتصاعد وتيرتها عند كل موقف تقفه المملكة دفاعاً عن الدين الإسلامي الحنيف من أن يختطفه المختطفون، أو يسيء إليه أعداؤه من إرهابيين وعملاء وغيرهم. وتزداد هذه الحملات وحشية وشراسة حين تنجح المملكة في حماية مصالحها ومصالح الشعوب العربية والإسلامية؛ كونها منارة الإسلام، ومهد العروبة، وقِبلة المسلمين وموئل أفئدتهم، وحصنهم الحصين..
فالتاريخ المعاصر يقول إنّ المملكة هي الناصر الأول والمعين لكل ما من شأنه حفظ المصالح الحيوية للشعوب والدول العربية والإسلامية، بل وبقية الشعوب والدول المحبة للخير والسلام، وهو بالتأكيد ما يغيظ أعداء الحق والسلام؛ ليستهدفوها بكل ما يستطيعون من سُبُل.