أ.د.مساعد بن عبدالله النوح
يخطئ من يعتقد أن الإرهاب الإيراني كله مباشر ومعلن؛ إذ تمارَس ألوانٌ منه لكن بصورة غير معلنة وصريحة. ويمثل تزايد أعداد الجماعات الإرهابية وطبيعة مسمياتها من جهة، وإقدامها على نشر ألوان التعذيب والامتهان والقتل وعمل مستلزمات الدول المدنية كالعلم والشعار والزي والقائد من جهة أخرى، من ألوان الإرهاب غير المباشر.
فالسلوك الإيراني ليس مجرد عابر وغير مقصود للجماعات الإرهابية. ومن يظن ذلك فهو بحاجة إلى إعادة النظر، ليس في أعدادها ومسمياتها، بل إلى دلالات نشرها. أقول لعل القارئ يتفق معي - ولو جدلاً - أن ثمة رسالة ضمنية مقصودة من ورائها، تتضمن دلالات ترهيب وترغيب للمتابعين مسلمين أو غير مسلمين.
إنك تصاب بالدهشة عندما ترصد أعداد الجماعات المتطرفة. ألهذا المسلم السني يشكل هماً على الشيعي، ويمثل حجر عثرة في طريق طموحاته التوسعية، ويريد اختزال الوقت لإبادته؟ ولك عزيزي القارئ أن تقف وقفة سريعة إلى مثال واحد فقط للإرهاب الإيراني المقصود: أعداد وأسماء وشعارات المليشيات التابعة للحشد الشيعي في العراق بقيادة قاسم سليماني، وعددها (60) جماعة، كما نشرها موقع صحيفة شؤون خليجية في 19/ 12/ 1015، هي كما يأتي:
حزب الله الثائري، حزب الله الأخيار، حركة النجباء، حركة المجاميع الخاصة، حركة الأبدال، جيش المختار، جيش الكرار، بدر الجناح العسكري، أنصار الله الأوفياء، العصائب، فيلق الوعد الصادق، فرقة العباس القتالية، سرايا عاشوراء، سرايا طليعة الخرساني، سرايا أنصار العقيدة، سرايا السلام، سرايا الزهراء، سرايا الدفاع الشعبي، ساريا الجهاد، درع الشيعة، كتائب القيام الحسني، كتائب أبو ياسين المالكي، كتائب أبو الفتح المبين، كتائب الغضب، كتائب الشهيد الأول، كتائب الدفاع المقدس، كتائب التيار الرسالي، كتائب الإمام علي، كتائب الإمام الحسين، قيادة قوات أبي الفضل العباس، لواء الإمام القائم، لواء أسد الله الغائب، كتائب سيد الشهداء، كتائب رايات الهدى، كتائب درع الولاية، كتائب حزب الله، كتائب جند الإمام، كتائب أئمة البقيع، كتائب أنصار العقيدة، كتائب إبصار الحجة، لواء علي الأكبر، لواء ذو الفقار، لواء ذو الفقار-2، لواء أنصار المرجعية، لواء اليوم الموعود، لواء المنتظر، لواء المختار، لواء القارعة، لواء الشباب الرسالي ولواء الإمام محمد الجواد.
هذه الجماعات مدعومة من قِبل الحرس الثوري الإيراني؛ إذ يُدفع لها مبالغ فلكية، تقدر بـ(10 - 20) مليون دولار سنوياً، فضلاً عن تمويل الجماعات الأخرى في الشرق الأوسط وخارجه، وذلك وفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم عام 2014، ونشره موقع صحيفة السكينة الإلكترونية في 28/ 12/ 2015.
وتزداد دهشتك عندما تتأمل في مسميات هذه الجماعات وشعاراتها؛ إذ اتخذت أسماء محببة إلى نفوس وقلوب وعقول المسلمين، ليس اعتباطاً، لكن رغبة في نشر الألفة لها، والتعاون معها، وتقديم المساعدات العينية والنقدية لها بدون تردد.
ليس من باب المصادفة أن تصور هذه الجماعات أنواع التعذيب الذي تمارسه على المستضعفين والأدوات المستخدمة في التعذيب وما يصاحبه من تكبير وتهليل: القتل، الغرق في المياه، الرمي من أعالي المباني، الحرق، التهجير، سلب الممتلكات، الرجم، تحويل النساء إلى أسيرات، نكاح الجهاد والمتعة وتدمير محتويات المتاحف، رامية خلف ظهرها حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية المقررة، ولاسيما ضد المدنيين السنة.
وليس من باب المصادفة أن يلجأ عدد من الشباب السعودي المغرر بهم لتسجيل مقاطع صوتية، تتضمن رسائل تهديد وطلبات، ونشرها عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وهم متظاهرون بالمظهر الإسلامي متناسين أن السعودية قادرة على التعامل معهم باحترافية.
وتعتبر جماعة فيلق القدس في إيران ظل الحرس الثوري أمام هذه الجماعات وغيرها من الجماعات في سوريا واليمن ولبنان وفلسطين، كما تعد الأداة الرئيسة بيد النظام الإيراني؛ لممارسة ودعم الإرهاب في الخارج، أي الذي لا يقتصر على الداخل الإيراني، وإنما يمتد إلى جماعات إرهابية في منطقة الشرق الأوسط وقارات إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وعلى الرغم من أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية اعتبر إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم إلا أن جماعاتها المجوسية ليست في قائمة الجماعات المتطرفة في ظل تجاهل مطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا وضع القارئ هذه المعلومات على كف، ووضع خبراً عن رغبة النظام الإيراني في تحسين علاقاته مع المملكة العربية السعودية في الكف الآخر، فإنه يلمس نوعاً من تلميع الصورة؛ لتشكيل صورة ذهنية مزدوجة لديه؛ وبالتالي يتأهب لتأسيس مفهوم عن حسن نوايا النظام في تنمية العلاقات بين البلدين. والحقيقة أن هذه الرغبة تولدت نتيجة علم النظام الإيراني بصدور أحكام شرعية صارمة تجاه رموز موالية له، تخلص المسلمين من شرورهم، وتصد كل من تسول له نفسه الإقدام على المس بحرماتهم.
حري بالتحالف العربي أن يفضح هذه العصابات المجوسية والجماعات الإرهابية الأخرى؛ للتعريف بأهدافها وعملياتها، على غرار تصرف مقام وزارة الداخلية السعودية، التي رصدت عدداً من الجماعات، ووصفتها بأنها راعية للإرهاب.
وحري بالإعلام السعودي أن يتصدى لهذه الجماعات، ويفضح ممارساتها، فكما قلّم التحالف العربي بقيادة السعودية أظافر إيران في اليمن حري بوسائل الإعلام أن تعرّف المتلقين بأسمائها وأهدافها، وأنشطتها، ورجالاتها.
نسأل الله الذي أرانا تمرد النظام الإيراني وتدخله في الشؤون الداخلية لمنطقة الخليج خاصة، والشرق الأوسط عامة، أن يرينا فيه عجائب إبادته... سدد الله خطى بلادنا، وحفظها من كل حاقد معروف أو متربص.. أمين.