د. أحمد الفراج
الهجمة الشرسة على المملكة خلال الفترة الأخيرة وصلت مرحلة متقدمة، وفضحت كثيرا من النفاق الغربي، والكيل بمعايير مختلفة، وقد سبق أن كتبت مرارا، وقلت: إن الإعلام الغربي لم يعد محايدا كما كان يوما، فقد تغير منذ حرب الخليج الثانية، إذ أصبح بوقا للسياسات الغربية، وتبعته في ذلك معظم منظمات حقوق الإنسان، والتي أصبحت تأتمر بأمر الساسة الغربيين، وأحيلكم في هذا الصدد لكتاب المفكر الراحل، ادوارد سعيد، بعنوان «الثقافة والإمبريالية»، والذي صدر عام 1993، ويعتبر تكملة لكتابه الشهير عن الاستشراق، فهو تحدث عن دور بعض المثقفين الغربيين في تهيئة الأجواء للاستعمار السياسي، وادوارد سعيد كان يتحدث عن الماضي البعيد، فماذا سيقول اليوم، لو شاهد كيف تحول بعض المثقفين الغربيين إلى أدوات تباع وتشترى بالدولار، وبالأصفر الرنان، وتحولت بعض منظمات المجتمع المدني الغربية إلى أدوات رخيصة بيد السياسي؟!.
المملكة نفذت أحكاما بالإعدام على مجموعة من الإرهابيين، ويفترض أن تكون الدول الغربية سعيدة بذلك، فهي كانت، ولا تزال، تعاني من الإرهاب، من جهة، وتتهمنا بدعمه، من جهة أخرى، ولكن ما حصل هو العكس، فقد ارتكبت بعض الدول الغربية، وبعض منظمات حقوق الإنسان أخطاء جسيمة، فهي تقول: إن المملكة انتهكت حقوق الإنسان، والإنسان الذي تعنيه هنا، هو ذاك الذي ثبت عليه ارتكاب جرائم قتل، وترويع، أو الآخر الذي حرض، بالقول والقلم، على العنف، وشجع الإرهابيين على ارتكاب جرائمهم، ويبدو الأمر كما لو أنهم لا يكترثون بحقوق الإنسان المعتدى عليه، والذي فقد حياته!!، وهذا تناقض صارخ وفاضح، وليس هذا وحسب، فقد بدا للمتابع وكأن هؤلاء الغربيين قد تحولوا إلى طائفيين، إذ إنهم حصروا معظم أطروحاتهم في قضية نمر النمر، وتجاهلوا إعدام عشرات المدانين السنة، ما يعني أن ردود الأفعال الغربية برمتها هي نتاج عمل «لوبيات» متنفذة مدعومة من إيران، والتي ترفع قميص النمر حاليا، مع أنها هي، ذاتها، من طردته من أراضيها.
هنا لا بد من وقفة جادة، تتعلق بجهودنا الإعلامية، لمواجهة الهجمات الشرسة، واسمحوا لي أن أقسو بعض الشيء، فالظرف الحالي عصيب، ولا يحتمل المجاملات، فقد اتضح أن قراراتنا السياسية الجريئة، لا تسندها جهود إعلامية، خصوصا في الخارج، إذ إن معالجاتنا الإعلامية ضعيفة، والكوادر التي تقوم عليها لا تتمتع بالحد الأدنى من التأهيل والمهنية، ومن يتابع ردود الأفعال في الغرب، بعد إعدام الإرهابيين، يرى ذلك بوضوح، فالأمر يبدو كما لو كانت إيران واحة من واحات الديمقراطية، وبلدنا بلد مارق!!، فنحن في زمن تكون الكلمة العليا فيه لمن يستخدم الأدوات المناسبة، وهذه الأدوات تتعلق بحسن اختيار من يمثلنا خارجيا، إذ يجب أن يستثنى العمل الدبلوماسي والإعلامي في الخارج، خصوصا في الدول الغربية الهامة، من كل أشكال المجاملات، والمحسوبية، فليس من المعقول أن تسند تلك المهام الجسام لمن قدم كل ما لديه، وتجاوز السن القانونية للعمل، فهذه مهام تتطلب مواصفات خاصة، وحيوية، وثقافة عالية، واطلاعا واسعا، وفهما شاملا للثقافة الغربية، وأنجع الطرق لمخاطبة الآخر المختلف، فقد ولى زمن التصريحات المعلبة، والحذر المبالغ فيه، فهذا زمن المواجهات، واللوبيات، والخلاصة، هي أن القرارات السياسية الجريئة، التي اتخذتها المملكة، لم تؤت ثمارها كاملة، لأن هذه القرارات تنتمي إلى يومنا الحاضر، أما معالجاتها الإعلامية فتنتمي إلى زمن ماض سحيق، فهل نتحرك؟!!. أظننا سنفعل!.