فاطمة العتيبي
لا اختلاف على أن من اطلع على أهم سمات برنامج التحول الوطني الذي أعلنه المجلس الاقتصادي السعودي، يدرك أنه إيذاناً بحوكمة القطاع العام في المملكة العربية السعودية، وذلك كون القطاع العام السعودي يتعرض في الوقت الحالي إلى تحديات خطيرة ومنعطفات شائكة، ناتجة عن عدة ظواهر سياسية واقتصادية واجتماعية من أهمها:
1 - التأثير البالغ لمواقع التواصل الاجتماعي واضطلاعها بدور محاسبي شبه يومي وفي الهواء الطلق!
2 - الاتجاه نحو سياسة التقشف والترشيد في الإنفاق الحكومي جراء تأثر الدخل الوطني بانخفاض أسعار النفط.
3 - التنظيمات والتشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية التي تستحث التنمية المتوازنة والمنصفة لكل المواطنين.
ولا شك إن المملكة تواجه مخاطر فيما لو لم تكن قادرة على ضبط مواطن الفساد بالصورة التي تجعل الإنفاق الحكومي يذهب إلى حيث خطط له. فحين تنظر إلى إنفاق المملكة على الصحة أو التعليم خلال الخمس سنوات الماضية وتنظر إلى الناتج فإنك ستصاب بالإحباط، فلا عدد الأسرّة المتوفرة في القطاع العام متوائمة مع الحد الأدنى العالمي، ولا القطاع الخاص ساهم بدوره في زيادة الأسرّة على الرغم من الدعم الحكومي له، وبإمكانك أن تجد ذات النتيجة في التعليم، ففي المدن الرئيسة يتكدس 45 طالباً في غرفة غير ملائمة كي تكون فصلاً تعليمياً، ويكون حظ كل طالب دقيقة واحدة تقريباً من عناية المعلم!!!
على الرغم من المليارات التي أنفقت طوال سنوات الطفرة النفطية الأخيرة!
ومع غياب الدور التثقيفي والتوعوي لصحة الإنجاب، فإن السعوديين يتفوقون عالمياً في عدد المواليد، مما يعني استمرار الحاجة لمزيد من التوسع في الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية.
لذا فإن برنامج التحول الوطني الذي يظهر لي أن من أولوياته:
- محاصرة الفساد والقضاء عليه للحفاظ على الموارد المالية ووضعها في مدارها الصحيح.
- زيادة جودة أداء القطاع العام بتطبيق المحاسبية والمساءلة على النتائج وتمكين الكفاءات وإشراك المواطنين في صناعة القرار التنموي.
لا شك إن هذين التوجهين هما المخرج الوحيد أمام هذه التحديات التي تمثل ضغطاً كبيراً على المملكة، في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط.