عمر إبراهيم الرشيد
أبرز سمات مصطلح (التحول الوطني) وهو المعبر عن مرحلة تغيير الأنماط الإدارية والبيروقراطية في العمل الحكومي وفي إدارة الاقتصاد الوطني، الانفتاح على الحلول ووسائل تطوير الأعمال التنموية والخدمية، وإن بشكل تدريجي لا يشعر به الجمهور سريعاً، وهذا في العموم يحدث في معظم الدول إذ لا تظهر النتائج إلا بعد فترة من الزمن. كذلك التعاطي والتفاعل الإعلامي سواء الإعلام في شكله التقليدي والرسمي أو
عبر وسائط التواصل الشعبي، وسرعة التجاوب والتفاعل مع الجمهور ومختلف فئات المجتمع، مما أعطى حيوية وحراكاً رسمياً اجتماعياً متبادلاً، لم يكن بالإمكان حدوثه بهذه السرعة والحيوية سابقاً أو قبل ثورة الإنترنت. وفي هذا ما يجعل الأجهزة الحكومية تتسابق في الإنجاز النوعي قبل الكمي مع شيوع ثقافة الإتقان ورسوخ مبدأ المحاسبة السريعة على التقصير، والثواب والإشادة على حسن الأداء. لا جدال أن أخطر قطاع في كل بلد هو قطاع التعليم لأنه أساس التنمية والتقدم، وأن الحكومة أيّدها الله أنهت فترة الجدب التعليمي العالي بإطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بعد توقف دام سنوات طوال، ذلك التوقف الذي أدى إلى تناقص الكفاءات العلمية بشكل كبير ومن ثم تأثر العمل الإداري والتنموي بشكل عام.
الآن يثبت الكثيرون من المبتعثين والمبتعثات تفوقاً علمياً وإنجازات في البحوث والاكتشافات ما يفخر به كل مخلص لهذه الأرض، وما يعتبر ثروة بشرية للمملكة ستفيد منها بإذن الله في قوّتها وتقدمها. ومع هذا التحرك والسعي، والجدل والمناقشات والأخذ والرد فيما يتصل بالتعليم بشكل عام سواء الأساسي أو الجامعي وما بعده، ومع التحديات الاقتصادية والتعليمية والسعي لتغيير الأنماط البيروقراطية، يبرز سؤال ليس بالجديد. ألم يحن الوقت لتشجيع الجامعات الأجنبية الرائدة لفتح فروع لها في المملكة؟. أعلم أنّ هذه القضية طرحت من قبل وماتزال تطرح، لكني أزعم أن هذه الفترة الانتقالية أو هذا (التحول الوطني) ملائم لإعادة طرحها بنظرة اقتصادية واجتماعية واعية، وحتى يكون هناك تنوع في تحصيل التعليم العالي الدولي والمشهود له في الصروح العلمية العريقة، فلا تكتفي الدولة بإرسال أبنائها وبناتها للتحصيل العلمي في الخارج بل تجلب لمن لا تسعفه ظروفه أياً كانت للسفر للخارج، ليحصل مبتغاه ويرضي شغفه للتعليم العالي النوعي في جامعة أجنبية يحلم بالدراسة فيها. إضافة إلى ذلك، فإن في جلب جامعات أجنبية مشهود لها دولياً إثراء أكاديمياً وعلمياً للوطن والمجتمع، واستثماراً يماثل أن لم يفق الاستثمارات الصناعية والاقتصادية الأخرى من قبل الشركات والكيانات الاقتصادية الأجنبية لدينا، والتي ستبدأ قريباً في الاستثمار المباشر مما ينعكس إيجابياً على جودة المنتج وإشعال المنافسة لتقديم أفضل الخدمات والسلع. فليت هذا الضوء الأخضر الذي طال انتظاره يعطى لجامعات عريقة لتفتح قاعاتها لمن ينشد إكمال دراسته فيها كما ويبتعث إليها بعض الطلبة داخلياً، فتتحقق جودة الإنفاق والترشيد الاقتصادي مع فوائد اجتماعية كبيرة. وغير خاف على الجميع ما تشهده دول الابتعاث من تغيرات اقتصادية واجتماعية تجعل من استمرار الابتعاث على نفس الوتيرة السابقة مرهقاً للدولة اقتصادياً واجتماعياً، والله ولي التوفيق .