جاسر عبدالعزيز الجاسر
مرَّ عام على بيعة أبناء المملكة العربية السعودية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
عام حافل بالإنجازات والعطاء والمواقف التاريخية، بما يجعل المتابع والمراقب يحتار في اختيار عنوان لهذا العام، هل هو عام الحزم، أم عام إعادة الهيبة للكرامة العربية؟ عام التصدي للإرهاب الإقليمي وإرهاب عملاء نظام ملالي إيران، وإرهاب الخارجين على الملة، أم عام الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية..؟
العام الذي انقضى لا يُعَدُّ إلا لحظة زمنية قصيرة، وقصيرة جداً، في عمر الدول، إلا أن الذي تحقق يفوق كل التوقعات. لكن الذي يهم المحلل السياسي والاقتصادي والاستراتيجي هو التغيُّر الإيجابي البنيوي للدولة.
وقد أثار انتباه المتابعين والمراقبين الذين يرصدون بدقة المتغيرات التي تحدث في الدول أن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو عهد النهج البنيوي لبناء هيكل صلب ومستقبلي للدولة السعودية، ومن أهمها إعداد جيل شاب لإدارة الدولة، تمثل في مبايعة الأميرَيْن الشابَّيْن إلى جانب البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ إذ اقترنت البيعة بمبايعة سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وسمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد. وهذا يمثل تهيئة الجيل الثالث لتحمُّل مسؤولية الحكم وإدارة البلاد، ومشاركة خادم الحرمين الشريفين في خدمة الدين والوطن والمواطنين. وهي خطوة جاءت بعد إيمان بحتمية التطور والانتقال إلى اقتحام المستقبل، وتعنون لمرحلة تؤكد اعتماد البلاد على سواعد الشباب في تحمُّل المسؤوليات، توافقاً مع طبيعة التركيبة السكانية للمملكة التي يشكِّل الشباب أكثر من أربعين في المائة من تعدادها.
ضخ الدماء الشابة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لم يقتصر على تعزيز القيادة، بل إشراك قدرات شابة في الأجهزة التنفيذية؛ إذ شكل الشباب نسبة كبيرة من تركيبة مجلس الوزراء، والدفع بعدد وافر من الشاب إلى مراكز القيادة وإدارة المؤسسات العامة. وهو استثمار مثمر لما قامت به الدولة من توسيع وتطوير العملية التعليمية، واتساع دائرة التعليم الجامعي، والتوسع في الابتعاث الخارجي لكسب الخبرات والمعرفة العالية المستوى؛ ما انعكس على توسيع مساحة الاستفادة من القدرات السعودية، التي أصبحت من المكانة والقدرة على شغل أهم المناصب والمراكز، وتطوير الأداء والعمل؛ وهو ما أتاح تطوير وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وهيكلة العديد من المؤسسات، والقيام بإجراءات انعكست إيجاباً على منظومة العمل، من خلال تفعيل آلياته.
ولعل من أهم ما تحقق، الذي حمل عنواناً للمرحلة، هو إنشاء مجلسين متخصصين، أحدهما اهتم بالشؤون السياسية والأمنية، والآخر بالشؤون الاقتصادية والتنموية، وذلك من خلال ضم الوزارات والدوائر والمؤسسات التي تقوم بتلك المهام، وصهرها تحت مظلة واحدة؛ وهو ما فعّل وسرّع العديد من القرارات، وحقق نتائج إيجابية، انعكست على مجمل التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية.
استراتيجياً وسياسياً، كان العام الفائت حافلاً بالتطورات والإنجاز، عام استعادة القرار العربي المستقل؛ فقد شكَّل إطلاق «عاصفة الحزم» رداً قوياً على انتهاكات من استباحوا الكرامة العربية، سواء من ملالي إيران أو عملائهم، ممن يتعاونون معهم تحت الطاولة. فقد أدت إنجازات عاصفة الحزم إلى تثبيت استقلالية القرار، وتكريسه عربياً؛ إذ أصبحت الرياض منبعاً للقرارات العربية المصيرية تأكيداً وتكريساً لكون الرياض بيتاً للعرب، الذي سيكون رحباً ومرحباً بالخيرين الذين يسعون للعلاقات الطيبة مع العرب والمسلمين جمعياً، وناراً للأشرار، يقطع دابرهم، ويتقص بسيف الشريعة، مثلما حصل للإرهابيين السبعة والأربعين الذين نُفّذ بهم سيف الحق والشريعة دون الالتفات إلى تآمر الأشرار والإرهابيين.