د. عبدالرحمن الشلاش
سني أو شيعي لا فرق بينهما في عرف المواطنة وقوانينها الواضحة والصريحة طالما ينتميان بإخلاص للبلد الذي يحتضنهما على أرضه. السنة والشيعة على حد سواء يأكلون من خيرات هذا البلد ويأمنون في دورهم ويحظون بالفرص ذاتها في الدراسة والتوظيف والخدمات العامة. من النواحي التشريعية والتنظيمية والتنفيذية لا فرق من اللحظة التي منح فيها الفرد الهوية الوطنية، وهي ليست مجرد بطاقة وإنما اعتراف صريح بالمواطنة والانتماء، بموجبه يتاح للمواطن الحصول على الحقوق التي تمنح لغيره ولا يحق لأحد حجبها عنه إلا في ظل حالات معينة قد تؤدي لحجب بعض الخدمات لظروف سياسية أو اقتصادية ولفترات معينة تراها الدولة.
من هذا العرض نفهم أن الأمر بالنسبة للدولة - وفقها الله - محسوم، فالتفرقة مرفوضة بين المواطنين كافة حتى ولو كان السنة أغلبية والشيعة أقلية، ويبقى المواطن أمام الله أولاً ثم وطنه وضميره ثانياً وثالثاً بما يعطي لهذا الوطن من حب وولاء وانتماء وعطاء لا حدود له دون منة ولا تفضل أو تكرم عطاء لا يرتبط برخاء أو شدة. الخوف على الوطن والدفاع عنه وعدم السماح لكائن من كان بالنيل منه أو التطاول عليه حتى ولو بالكلام هذا ما يفرز المواطن المخلص عن غيره بعيداً عن المعتقد الذي يبقى بين الإنسان وربه، وهو سبحانه من سيحاسبه على عمله وليس الخلق.
قبل ثورة الهالك الخميني في إيران كان شيعة السعودية يعيشون وسط إخوانهم السنة في منظومة اجتماعية فريدة لا تستطيع أن تفرق بينهم، ولم تكن مسألة الطائفية مطروحة ولا متداولة في الأوساط كافة، فما الذي تغير بعد الثورة الإيرانية البائسة، وما الذي جرى لإخواننا الشيعة؟
لدي يقين أن الأمر لا يمكن تعميمه على كل شيعة السعودية، فمنهم من يدينون لوطنهم بالولاء، لكن البلاء في من استطاعت أيران احتواءهم وغسل أدمغتهم وتدريسهم مبادئها الثورية في قم، ثم الدفع بهم مرة أخرى ليفسدوا في وطنهم ويعلنوا ولاءهم لإيران ومرجعية ولاية الفقيه، ومن أمثالهم نمر النمر وتلاميذه والذين استغلوا منابر المساجد والحسينيات والدروس والتجمعات لبث سمومهم على أبناء مجتمعهم وتحريضهم على بلادهم وإيهامهم بالمظلومية الكاذبة وغمط الحقوق وجمع الأموال منهم وإرسالها إلى طهران، ثم صنع حراب منهم ترتد في صدور أبناء وطنهم، ولعل العمليات الإرهابية الجبانة في بلدة العوامية جزء من هذا المخطط الإيراني القذر.
هؤلاء الشيعة وإن كانوا سعوديين - وإن كانوا قلة - إلا أن ولاءهم لإيران وللوالي الفقيه الخامئني الرابض في قم، لذلك فما يطال هؤلاء الخوانة هو جزاء وفاقاً لسوء صنيعهم، مثلهم في ذلك مثل من خان بلاده من متطرفي السنة وباعها ليعلن ولاءه لجهات خارجية ولشخصيات إرهابية مثل بن لادن والداعشي الحقير البغدادي، كل هؤلاء في نظر كل سعودي مخلص لوطنه سواء كانوا سنة أو شيعة إرهابيون خونة تنتظرهم الأحكام العادلة لترتاح منهم البلاد، ويعود السلام والوئام بين أبناء الشعب سنة وشيعة.
أما بقية أبناء الوطن سنة وشيعة فهم السعوديون المنتمون وليس أمامهم سوى الإخلاص لوطنهم منزلهم الكبير والذود عنه، فحب الوطن لا يقبل أنصاف الحلول ولا الحياد. حب يبقى في الرخاء والشدة والسلم والحرب والعطاء والمنع والغنى والفقر.