رمضان جريدي العنزي
(للمرياع) قابلية عدم النطاح وعدم الصراع ولا تحبذ المشاكل ولا تتقن فنون المطارحة والمعارك والركض الشاق والتعب المضني، وإن أرادت أو حاولت ذلك، يعوّدها صاحبها منذ نعومة أظافرها على اتباع (الحمار) والمشي بجواره، لها خنوع وطاعة وانقياد أعمى لكافة التعليمات الصادرة لها من مرشدها الأعلى الراعي، المرياع تستقطب اهتمام صاحبها الراعي وتسترعي انتباهه فيبدأ يكرمها بقبضات عشب نقية أو كسر خبز يابسة، ويقدمها لها حتى لا يصيبها الحزن والاكتئاب وكسر الخاطر، لتميزها وتفردها عنده، حتى أن كلب القطيع عندما يقترب منها ينهره الراعي بشدة ليبتعد كي لا يعكر صفوها ومزاجها وسكونها، إضافة إلى (تمسيده) لها برفق على تجاعيد صوفها، فتثغو بصوت حنون يبعث في نفسه الهدوء والدفء والارتياح.!
إن للمرياع ولا (تهون) (الرغوث) أو بقية (لحايق) الغنم، صفات وسلوك وعلامات واضحة وبائنة وكبيرة لواقع بعض الأشخاص اللاوطنيين الذين باعوا أنفسهم ورهنوها للأعداء بالتمام والكمال والحجم والمقاس، إن هؤلاء الأشخاص انحنوا تماما مثل أتباع (بوذا) لتمثال بوذا، وبتذلل مذهل لتعليمات الأعداء مصغين لهم على الوجه المطلق، دون أن ينبسوا ببنت شفة، كونهم لا يحق لهم الاعتراض أو الشجب أو الاستنكار، ولا يعصون لهم أمراً ولا يناقشونهم، أيا كان شكل أصحابهم وألوانهم وهيئاتهم، وإن كان أصحابهم مثل نبتة (حشيشة الفرس) سوءا وقبحا وعمرا وشكلا، يصبحون عندهم مجرد (ربس) غنم ودراويش ومتهالكين، وبهم سقم ووهن وعلة، من أجل مصلحة عابرة، أو منفعة شخصية، أو تمرير شيء، أو الحصول على شيء، أو الوصول إلى شيء، أو هدف معين، أو غاية في النفس، ومع ذلك لا يستطيعون أن يرضوا أسيادهم البتة، إن هؤلاء المساكين الذين باعوا وطنهم ووطنيتهم وأهلهم ومجتمعهم وذويهم، غدوا يشبهون الكرتون الرقيق، أو الإسفنج اللين، أو رخويات البحر، أو الدمى البلاستيكية. إن هؤلاء الدراويش لم يعوا جيدا الحقيقة الجلية، ولا طرقها ولا دروبها ولا مسالكها، هؤلاء (المرياعيون) تحولوا عند الأعداء مجرد رومانسيين وحالمين ورقيقين ومليئين بالعواطف الجياشة ومفردات (التبعية) العمياء، واللغة الصفراء، والكلام المزيف الباهت، هؤلاء الأشخاص اللاوطنيون الذين تنكروا للوطن وفضله، غدوا مثل طير (المريعي) وهو طائر صغير من رتبة طيور الدجاجيات، وهي تُصطاد بسهولة من قبل الغير لتشكل غذاءً سريعاً يسهل هضمه وإخراجه، هؤلاء الذين خانوا الوطن وناسه أصبحوا (يدربون) رؤوسهم دون تفعيلها بالتمام مثل (سيد قشطه)، يترززون بهياط تام وبلغو كلامي مفرط، ويعيشون من جفاف لجفاف، ويريدون أن يأخذونا معهم لمناطق اليبس والجوع والجفاف، لقد تعفروا وتهوروا وتمادوا، وحاولوا بث سمومهم في كل مكان ضدنا، هؤلاء لهم طقوسهم ومراسمهم ولغتهم وخداعهم وطلاسمهم وطوطمهم، موتورون لهم أذيال وآذان وقرون شيطانية، تآمروا ضد الوطن وناسه، أوكارهم خبيثة، ومخالبهم سود، وبرامجهم جنون، ومخططاتهم مدمرة، تآخوا مع الثعالب ولصوص الليل، فتوحدوا وتعاضدوا، وارتبطوا في الخفاء بعلاقات سرية مع كل الأفاعي القرعاء والتماسيح الصماء، والضفادع الغبية، وحاولوا باستماتة أن يبعثرونا ويحرمونا نعمة الأمن والاستقرار والأمان والعيش الرغيد والهناء، فالوقت الذي يريدون لضباعهم وثعالبهم وتماسيحهم الصديقة أن تنعم بالهدوء والاستقرار وراحة البال، ولا يتسامحون مع من يفكر بإزعاج هؤلاء الضباع الغادرة، والثعالب الماكرة، والتماسيح المخادعة، لا ريب أن ما يقوم به هؤلاء المشبوهون، يصب في صالح النكرات والعبثيين وخفافيش الليل والرعاع وأصحاب الجهل والتطرف والفكر الطحلبي وأرباب السوابق، ويضمن سعادتهم الدائمة، وتأجيجاً سافراً للفتن الطائفية، وتحولاً إستراتيجياً في تمزيقنا وبعثرتنا وتشتيتنا وفتح علينا أبواب الجحيم والحريق، ورمينا بأضغاث الكوابيس الثقيلة، لقد ظهروا علينا، بأعراض بشعة، وصور تعبوية وتآمرية، وكان من الطبيعي أن يواصلوا تمردهم علينا من خلال برامجهم السمية، التي جندوها لتأجيج الخلافات والفتن، لقد تخصصوا بخلق المشاكل، وافتعال الأزمات، حتى صار هذا هو ديدنهم وشغلهم الشاغل، إن لهؤلاء المرياعيين هوس أزمات لئيم، وفكر طحلبي خبيث، لقد مات شرفهم الوطني، وتشوهت سمعتهم، وتذبذبت مواقفهم باعتبارهم الشريك الأمثل لأوكار الشر والتضليل والعملاء والجواسيس والخونة، هؤلاء المراييع الشؤم أصبحوا مرشحين للسقوط السريع، والانزلاق المميت والتلاشي العاجل، مثل غيمة داكنة كانت حبلى بالمطر، لكنها تراءت لنا غيمة باهتة كاذبة.