رمضان جريدي العنزي
أيها النبيل، يالذي تضع روحك بين يديك، يا حامل البندقية، يا سيفنا والدرع، يا مرايانا العاكسة، يا دثار الوجد، وأحلام الفصول، يا نخلة ممشوقة، يا زنيقة تفتح أكمامها، يا هاجس الماء، يا صوتنا المهتز بالريح، يا كاسر الغدر،
ومهين العدو، ورافض الطعن، يا غاضب، يا مزمجر، يا فائر الدم عند اختراق الحد، يا ريح، يا شارة النصر الأكيد، يا ناطح الأعداء حيث تشاء، وحيث تدور، وكيف تريد، ليس لك اليوم ند، ولا سرب يحتويك، رأسك خوذة، وصدرك درع، وانتباهك جفن، والموت عندك فردوس وجنة، يا قاهر الأعداء اللئام، يا مذيقهم السم الزعاف، يا خليطاَ من الصبر والصمت والفعل والشجاعة، يا غشاء القلب، وستر الوجه، وسيف الأرض، يا الذهن والعمق والميول، يا عكازنا وضوءنا والطريق وسلمنا الذي نرتقي فيه، يا ساكن الروح، يا ملح الوطن، يا سدرنا، يا بيداءنا والجبال، يا البرق والرعد، يا حمائم على قباب النفوس، يا راكب العاديات، يا صهيل الجواد، يا عدو الرقاد، يا سيف يهتز بين السل والإغماد، يا صاحب الموت والميلاد، يا موقد للنصر شمعة، يا مهرق دم العدو على حدود الوطن، يا داء الأعداء، يا صاحب الفعال، يا مزدان بالجلال، يا رجل في وهج التجلي، وصاعقة على الأعداء، يا نصير الحق، يا متفرد، يا مثال، يا ذؤبات النصال، يا فعل الخنجر، يا صولجان، يا كوكباَ حين يغني يتبعه الضوء والطير، ويهتز لشجوه المكان، يا ظلال الوطن وشمسه والقمر، يا محراب القصيدة حين تتراقص ألحان الوفاء، يا أشجع الرجال، وأنبل الرجال، في زمن خلد فيه بعض الرجال في سررهم الوثيرة، يثنون الكلام على الكلام، ويناضلون بالكلام، ويسترزقون بالكلام، على وجوههم لعبة الأقنعة، والكلمة عندهم كذبة معسولة، يا صهيل الدم، يا حارث الحقل، يا همام، يا أرض عطاء، وبحر مداد، شن على العدو شن، فض ليل العدو فض، كر على العدو كر، سقهم إلى الحتوف سقهم، انحر رقاب القطيع، وانسج لجنائزهم مشاهد، واترك دموعهم على الخدود تداعب، وسدهم الشوك والعليق والحنظل، أخرج صوبهم وأوقعهم على الأرض ذبابة، أبلي بكل متمرد وللسلام رافض، أيها الشهم، يا وابل الذهول، يا مسلة الخلود، يا مزيح الفجيعة، يا واقفاً على مشارف النصر، يا مربك العدو، يا كاشف الفقاعة، يا مقزم الفظاعة، أيها الجندي الهمام، كل مجاز فيك أرتقاء، وكل بلاغة فيك سؤدد، وكل كلمة فيك تغفو في حضن خلودك، يا حارس الحد الأمين، ابتهالاتنا كلها ننثرها لك مع كل ركوع، وكل سجود، وكل قيام، عيوننا محلقة حولك وشطرك، وأنت المرتقي بالوطن نحو عليائه، وكاسر مخالب القهر والظلام، يا حارس أمنياتنا الوليدة، ننام حالمين، وأصبعك خلف الزناد لا يكل، وأنت لا تنام ولا تلين، أيها الفريد الفريد، يا الذلا تعرف التراجع والخذلان، يا العاليات زنوده، يالذي لم يرتعش وقد مد جيده، يا موسم النصر، وصبحه وعميده، يالذي كالنخلة إنتصاباً، لا يفتر إلا حين ركعوه أو سجوده، هي أيام ونيف وعندها تعود، بعد أن يهجع الرصاص، وتنبعث رائحة الورود، ويعود الجمال إلى الجمال، والشمس تشرق بالجلال، رفع الله قدرك، أيها الجندي النبيل، قد كنت في عز ترى بروقه ورعوده، فيك جلباب الوطن زهى، وتزهت مع النضارة بنوده.