محمد بن فهد العمران
في الأسبوع الماضي صدر تصريح رسمي من معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي فهد المبارك جدد فيه الموقف الرسمي للمملكة تجاه سياسة الإبقاء على ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي عند سعر 3.75 ريال لكل دولار منذ نحو 30 عاما مدعوماً بمجموعة من أدوات السياسة النقدية التي تساعد على ذلك ومن أهمها الاحتياطيات من النقد الأجنبي، حيث أتى هذا التصريح «المتجدد» بعد استمرار وتيرة المضاربات على الأسعار الآجلة لما يزيد عن 3.75 ريال لكل دولار، بل و ذهب البعض للمراهنة على مستويات أقل قليلاً من 4 ريالات لكل دولار.
لفهم أسباب هذه المضاربات، لا شك أن انخفاض الأسعار العالمية للنفط كانت هي المحرك الرئيسي لهذه المضاربات وكنتيجة لذلك شهدت أسعار الصرف الفورية لعملات العديد من الدول التي تعتمد على تصدير النفط مثل روسيا وإيران وفنزويلا وغيرها انخفاضات حادة في السنوات الأخيرة تجاوزت في بعضها نسبة 60 بالمئة، أما بالنسبة للريال السعودي فهو لا يزال يحافظ على سعر فوري ثابت بينما يقوم بعض المستثمرين بالمراهنة على انخفاض سعر صرف الريال السعودي في الأسواق الآجلة (سواء كان ذلك للتحوط ام للمضاربة) اعتقاداً منهم بأن حكومة المملكة قد تقدم على هذه الخطوة في المستقبل القريب !!
لذلك يجب أن نقرأ التاريخ الاقتصادي للمملكة جيداً للحصول على إجابة شافية عن هل سيتم فك ارتباط الريال بالدولار أم لا، حيث يقول لنا التاريخ أنه بعد انتهاء حرب تحرير الكويت الشقيق في بداية التسعينيات الميلادية حصل ارتفاع كبير في الدين العام للمملكة مع انخفاض في أسعار النفط أدى ذلك إلى حدوث مضاربات على الأسعار الآجلة للريال السعودي إلا إنها باءت بالفشل، ويقول لنا أيضاً أنه بعد بدء أزمة النمور الآسيوية نهاية التسعينيات الميلادية في ظل ارتفاع الدين الحكومي العام وانخفاض الأسعار العالمية للنفط حدثت مضاربات أعنف من سابقتها على الأسعار الآجلة للريال أوصلته إلى مستويات قياسية تجاوزت 4 ريالات لكل دولار وباءت أيضاً بالفشل الذريع !!
باختصار، ما أريد أن أقوله: إنه في ظل ظروف اقتصادية أسوأ مرت بها المملكة في السابق تمثلت في ارتفاع الدين الحكومي العام لنحو 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (وبالطبع لم يكن لدينا حينها احتياطيات من العملات الأجنبية كما هو الحال الآن لأنها تكونت في الألفية الجديدة) وبانخفاض الأسعار العالمية للنفط لمستويات أجبرت الموازنات المالية للدولة على تسجيل عجوزات إلا أن المملكة لم تقدم على تعديل سياسة ربط الريال بالدولار على الإطلاق، فكيف ستتعدل سياسة الربط هذه ونحن الآن لدينا رصيد تاريخي من احتياطيات العملات الأجنبية ولدينا رصيد منخفض تاريخي من نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي؟