د. أحمد الفراج
يسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية انتخابات تمهيدية، والانتخابات التمهيدية تجري لاختيار المرشح لكل حزب، وهنا أتحدث عن الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، وعلى عكس الانتخابات الرئاسية التي تجري في يوم واحد لجميع الولايات، فإن الانتخابات التمهيدية لكل حزب تجري على مدى عدة أشهر، اعتباراً من بداية شهر فبراير القادم، وبعد نهاية الانتخابات التمهيدية، يقام مؤتمر لكل حزب، في مدينة مختارة سلفا، ويستمر المؤتمر عدة أيام، وتلقى فيه الخطب، التي تذكر الناخبين بتاريخ الحزب، ورموزه، وبرنامجه الانتخابي، وغالبا ما يكون هناك نجم يختاره الحزب ليكون المتحدث الرئيس، ثم يختتم المؤتمر بكلمة مرشح الحزب للرئاسة، وتعتبر هذه أهم خطبة للمرشح، إذ يبذل خلالها المرشح كل جهد ممكن، لإقناع الحضور، والمشاهدين، بأنه يستحق أن يرأس البلاد، ومن خلال مؤتمرات الأحزاب هذه، تبرز الشخصيات السياسية الواعدة، مثلما حصل في مؤتمر الحزب الديمقراطي، في عام 2004، عندما صعد باراك أوباما إلى المسرح، وألقى كلمة تاريخية، صعدت به من المجهول، إلى رئيس لاحق لأمريكا، وحينها بدأ أوباما كلمته تلك بالقول: «أنا باراك أوباما، ذو الأذنين الكبيرتين، القادم من المجهول!!».
تبدأ الانتخابات التمهيدية في ولاية ايوا، وهي ولاية زراعية صغيرة، في الشمال الأمريكي، ثم تتبعها ولاية نيوهامشير، وهي ولاية صغيرة، أيضا، ومع ذلك فإن نتائج التصويت في هاتين الولايتين، ولأسباب تاريخية، تحدد مصير المرشحين، إلى حد كبير، فغالبا، وليس دائما، ينطلق المرشح الفائز في هاتين الولايتين، أو إحداهما، ويصعد نجمه، وينتهي أمر الخاسر فيهما، ففي الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، لعام 2008، كان باراك أوباما، المجهول نسبيا، في مواجهة مع المرشحة الأشهر، هيلاري كلينتون، ولم يكن أحد يتوقع أن يفوز أوباما، لا لأنه في مواجهة هيلاري وحسب، بل لأنه مرشح أسود، في ولاية ايوا الزراعية المحافظة، وكانت هيلاري واثقة من الفوز، وقد تجاهل أوباما آراء المعلقين، وعمل بكل جهد ممكن، وأخذ يجوب منازل المواطنين، في كل شبر من الولاية، ويتحدث معهم في المطاعم، والمزارع، والمصانع، وانتهى الأمر بفوزه في ولاية ايوا، في مفاجأة صاعقة، تحدث الإعلام عنها طويلا، ثم انطلق بعدها كالصاروخ، وعجزت هيلاري عن اللحاق به، رغم كل جهودها، فقد قالت ولاية ايوا كلمتها، وكانت كلمتها هي الفاصلة!!.
إن العالم كله يترقب يوم الأول من فبراير القادم، لأن ملامح المرشحين للرئاسة الأمريكية القادمة ستتضح بشكل أكبر، فولاية ايوا صغيرة، وعدد سكانها قليل، ولكن كلمتها لها دور وتأثير كبيرين في تحديد مصير المرشحين الإمبراطورية الأمريكية، فلنتابع ونرى!.