جاسر عبدالعزيز الجاسر
تأكّد للعراقيين جميعاً بما فيهم من المكون الشيعي بأن ما يسمى بالحشد الشعبي، الذي كرست الصحافة ووسائل الإعلام العراقية مصطلح (الحشد الطائفي) لوصفه بعد أن كرس الانقسام الطائفي في العراق وأن هذا الحشد الذي جمع المليشيات الطائفية الشيعية بقيادة منظمة بدر الشيعية التي يرأسها هادي العامري وتضم مليشيات «أبو مهدي المهندس» وما يسمى بعصائب الحق التي يرأسها خضير الخزاعي, وجمعت فرع حزب حسن نصر الله (حزب الله فرع العراق) والعصابات الطائفية الأخرى التي أوجدت مهناً دائمة في بلاد تعاني من البطالة، حيث يحصل المنخرط في مليشيات الحشد الطائفي على مرتب لا يقل عن ألف دولار بالإضافة إلى ما يكسبه من عمليات (النهب) و(الفرهود) وهو تقليد عشائري جنوبي في العراق يُطلق على الغنائم التي يحصل عليها المهاجم بعد أن يستبيح أموال وممتلكات البلدة والمدينة التي يحتلها بعذر (تحريرها) من تنظيم داعش وهكذا نهب جماعة الحشد الطائفي كل المدن التي دخلوها مع القوات العسكرية العراقية ومن لم يجد في منازلهم والمحلات التجارية ما لا يستحق النهب والسرقة تحرق المنازل والمتاجر انتقاماً من سكان المدينة الذين في غالبهم من السنة العرب الذين يُصنّفون من قبل الحشد الطائفي كأعداء مذهبيين.
بسبب هذه الانتهاكات والجرائم والعمليات الإرهابية التي تتعرض لها المدن وبلدات العرب السنة, أصبح العراقيون لا يفرقون ويفصحون عن آرائهم والتي لا تفرق بين تنظيم داعش الإرهابي، ومليشيات الحشد الطائفي الإجرامية، وأنّ تفوق الحشد الطائفي في العمليات الانتقامية التي طالت كل من يقيم في المدن العربية السنية في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وبغداد, حيث تعرضت مدن ومناطق تابعة لمحافظتي الأنبار وبغداد وحتى محافظة بابل إلى عمليات انتقام تمثلت في حرق وقتل عوائل بكامل أفرادها وحرق للمساجد وتهجير الأسر والأفراد من أبناء السنة العرب, فقد تعرض قضاء النخيب التابع لمحافظة الأنبار وشمال بابل وجرف الصخر وسليمان بك ويثرب والضلوعية وجسر بزيبز وهي مدن وبلدات تقع في محافظتي بغداد وبابل وهي مناطق يقطنها العرب السنة وتسمى بحزام بغداد.
ويؤكد العديد من المهتمين بالشأن العراقي أن هدف مليشيات الحشد الطائفي ليس الانتقام والسرقة فقط، بل أيضاً تهجير العرب السنة وتنفيذ (عزل مذهبي) من خلال إجبار سكان هذه المدن وجلب أسر وأفراد من المكون المذهبي الآخر وبعضهم ممن أحضروا من إيران وإسكانهم في تلك المدن التي أصبحت معاقل للمليشيات الطائفية, حيث أقيمت فيها معسكرات لتدريب الإرهابيين, إذ تحولت منطقة جرف الصخر الواقعة بين بغداد وبابل، وتذكر بعض المصادر أنّ الصيادين القطريين الذين خطفتهم إحدى المليشيات المنضوية تحت لواء الحشد الطائفي وتخفيهم في أحد معسكرات جرف الصخر.
غير بعيد من ذلك تمارس مليشيات الحشد الطائفي (عزلاً مذهبياً) في مدن وبلدات محافظة ديالى, حيث تعرضت مدينة المقدادية إلى عمليات إجرامية إرهابية ضد أهلها من العرب السنة, إذ تم مهاجمة وحرق العديد من مساجد أهل السنة وحرق ونهب منازلهم في المقدادية, وعندما حاول رئيس الحكومة العراقية التي يسيطر عليها المجلس الشيعي أن يتفقد المدينة مُنع هو ومرافقوه من القادة العسكريين والمسؤولين المدنيين.
المواطنون العرب وبالذات من أهل السنة الذين يعانون من إجرام داعش وظلم الحشد الطائفي يفكرون باللجوء إلى الأمم المتحدة؛ لإنقاذهم من الظلم الطائفي الذي يمارس تحت نظر وبغطاء حكومي, إذ لم يبق لهم إلا اللجوء إلى المنظمة الدولية بعد أن تخلت عنهم حكومتهم وأشقاؤهم من العرب.