خالد الربيعان
تأتي تساؤلات كثيرة على ذهن القراء بين الحين والآخر عن دور القيادة الرياضية في إنجاح عملية الاستثمار والتسويق الرياضي أو إفشاله! وفي هذا الأسبوع سيكون الجواب بقصة لا يعرف تفاصيلها الكثيرون، قصة التسويق الرياضي مع أي سي ميلان!
بالأمس القريب ميلان كان من عمالقة أوروبا، وكان مجرد وجود اسمه أمام أي فريق يسبب له الرعب بمن فيهم برشلونة وريال مدريد، الميلان صاحب الفوز بالأربعة على برشلونة في نهائي دوري الأبطال 94، وقبل نهائي دوري الأبطال 89 على ريال مدريد بالخمسة!، وهو صاحب دوري الأبطال 2007 بعد سحق ليفربول!
كان الميلان قبلها وفي الثمانينيات - أي من دون قيادة استثمارية أو خطط للتسويق الرياضي - في قاع القاع كما يقولون!
تهاوى الميلان لدرجة أنه هبط لدوري الدرجة الثانية في 1980 بعد فضيحة التلاعب بنتائج المباريات تحكيميًا، وصعد لدوري الدرجة الأولى ليقدم أسوأ أداء في تاريخه ليهبط مرة أخرى للدرجة الثانية عام 82!
ثم اشترى برلسكوني الميلان، برلسكوني كان من أكبر المستثمرين ورجال الأعمال في إيطاليا حيث يمتلك أكبر شركة إعلامية في الدولة كلها، هي شركة Media Set.
أريجو ساكي المدرب الأسطوري كان أول قرارات برلسكوني هي التعاقد معه، اكتملت أركان الإدارة الناجحة فأصبح فان باستن وخوليت وريكارد وانشيلوتي هي صفقات الميلان!
كان هدف برلسكوني بوضوح هو الصرف على النادي لأجل أن يدفع المشجع تذكرة المباراة ويسترد قيمتها متعة كروية!
بوجود النجوم والمدرب الجيد أصبح الأداء رائعًا، وتحقق هدف برلسكوني، الحضور الجماهيري وصل لأعلى معدلات ليس في تاريخ الميلان، بل في إيطاليا كلها، 90 ألف متفرج كانوا في السان سيرو في نهائي دوري الأبطال سنة 90! والآن في 2015 أصبح معدل الحضور 30 ألف مشاهد فقط في المباراة!
بوجود تلك العناصر وقتها فعل التسويق الرياضي الجيد فعل السحر وفي أقل من عام فاز الميلان بأول دوري منذ 9 سنوات عام 88 ثم فاز بأول دوري أبطال أوروبا منذ 20 سنة، في التسعينيات أصبح النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات القارية في العالم بـ 18 بطولة!
الآن وبعد فضائح برلسكوني وتركه الاهتمام بالنادي وإعطاء ابنته «باربرا « مقاليد الإدارة يتحقق ما يتساءل عنه القراء، الفشل!.. وعاد الميلان لفترة ما قبل الثمانينيات أي ما قبل برلسكوني! الذي لم يصبح الشخص نفسه بعد الآن!
في هذه الأيام أصبحت آخر بطولات الميلان منذ 5 سنوات عندما فاز بالدوري، ميلان لم يشارك في بطولة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي وهذا الموسم! بعد أن كان أكثر نادٍ تتويجًا بهذه البطولة.
ميلان أنهي موسم 2014 في المركز العاشر!، نسبة الفوز في مبارياته أصبحت 35 في المائة فقط!، قيمة كل لاعبيه السوقية تساوي 210 ملايين يورو فقط!، أي ثمن ثلاثة لاعبين من ريال مدريد أو السيتي!
حتى من حيث الرعاية، طيران الإمارات تعطي آرسنال 30 مليون جنيه استرليني بالسنة، وتعطي الريال 30 مليون يورو بالسنة، أما ميلان فالشركة نفسها تعطيه 17 مليون يورو فقط! أي أنه الأقل بين أندية أوروبا العملاقة في رعاية الشركة نفسها...وأصبح كرسي رئيس الميلان خاليًا منذ موسم 2012!
أين عقولهم؟!
الآن يحاول برلسكوني بيع نصف النادي لمليونير تايلندي هو مستر «بي» مقابل 480 مليون يورو! الأمر مأساوي للميلان! فمن وجهة نظري حتى لو تمت عملية البيع الجزئي تلك فهي غير مضمونة، لأن التجارب الآسيوية في الاستثمار الرياضي غير مبشرة بالمرة والدليل جاره انتر ميلان! فآخر أخبار الإنتر إعلانه عن خسائرمالية بلغت 74 مليون يورو الموسم الماضي! والنادي مدين لمالكه الإندونيسي توهير بأكثر من 100 مليون! والآن يفكر برلسكوني في تكرار خطأ الإنتر نفسه مع الميلان!.. أين عقل هؤلاء الناس؟!