د. خيرية السقاف
الموعد كشعلة الوقود عند المنتظر وقته..
ينتظره المريض ليلتقي طبيبه، وينتظره البعيد ليلتقي غائبه،
وينتظره المظلوم ليواجه ظالمه، ..
وينتظره المحتاج لحل أزمته..!
الموعد حين يحدَّد يصبح التزاماً،
فمن يتخلّف عنه لا يعوَّل عليه..
كذلك فإنّ الموعد في مآزق القضايا نافذة فرج،!
لكن هذا الفرج لا يأتي بالمماطلة، ولا بالتسويف، ولا بالتأخير، ولا بالتأخر عنه..
والمثل على هذه الحقيقة ، فإنّ المريض حين يحضر في موعده ويتأخر الطبيب عن عيادته، يزيد ألمه، وتطول معاناته، وقد تسوء حالته، ويتمكن منه الداء..!
والمعلم حين يغيب عن موعد انعقاد الحصة في حيزها الزماني يتبدّد وقت التلاميذ، ولا يستفيدون في وقت موعد الحصة،
والمدَّعي حين يحضر موعد الجلسة، ولا يحضر المدَّعى عليه يتأخر البت في الحكم، وإن تكرر يطول الوقت ، ويتضرر المظلوم، ويصبح الأمر تسويفاً قصدياً، واستهتاراً بالموعد، وحيثياته.
إنّ المواعيد المؤجلة مسطرة لقياس التزام المرء، تماماً تكون مقصلة الثقة حين يحضر في التأجيل التسويفُ، وحين يغيب العذر، وحين يتكرر عدم الالتزام بها..
المواعيد شهادة لاجتياز المرء، أو لإخفاقه باختلافها، وبصمة التزامه..!!
وهي مدعاة لكشف صدقه من عدمه، والتزامه من تلكُّعه، واستهتاره من احترامه.
لأنها في غالب الموضوعات التي تحدد فيها بين الناس، وتسجل بدقة أيامها، وساعاتها وتتعلق بحاجاتهم، بقضاياهم، بأفراحهم، بأحزانهم، بنوافذ آمالهم، وخواتم أعمالهم أو بداياتها، فإنها جزء من علاقة المرء بحياته، ودافع لبصم خطوته نحو شؤونه والطرف الآخر الملتقي به في الموعد، أو الحل الأرقى لما بينهما..
كما إنها أسلوب لترتيبه شكل تبادله المنفعة الراقية، أو المواجهة الحاسمة، مع الآخرين الطرف المقابل له في..!
وكل وجه من أوجه تعامل المرء مع مواعيده بأنواعها، ومضامينها إنما هو سجل لهذا الإنسان، حين يستلهم موقفه من موعده في لحظة قراءته، سيتعرف نفسه والآخرين ممن يتبادلونه معه..
ثم إنّ الوفاء به - على أية حال - هو احترام للنفس، وعدم الوفاء به هو مسح لهذا الاحترام.!!