محمد جبر الحربي
لا تَخْجَلِي فَالْجَالِسَاتُ جِرَاحِي
هَيَّا تَعَالَي وَاجْلِسِي وَارْتَاحِي!
مَا كَانَ جُرْحِي وَالْجِرَاحُ مُقِيْمَةٌ
مِنْ وَرْدَةٍ.. بِعَبِيْرِهِا الْفَوَّاحِ
أَو كَانَ طَعْنَاً مِنُ أَسِنَّةِ لَيْلِهِمْ
تِلْكَ الْجُرُوحُ.. قَدِيْمَةُ الأتْرَاحِ
لَكِنَّهَا الأوْطَانُ تُدْمِي أهْلَهَا
حَتَّى مَشَوا.. فَبَكَتْهُمُو بِنَوَاحِ
لا تَخْجَلِي مِنْهَا فَهَذِي أحْرُفِي
نَبْضُ الضَّمِيْرِ وَشُعْلَةُ الْـمِصْبَاحِ
إنْ شِئْتِ تَمْراً كُنَّ نَخْلَ سَمَاوَةٍ
أوْ شِئْتِ مَاءً.. كُنَّ فَيْضَ قَرَاحِ
أوْ شِئْتِ قَلْبِي كُنَّ بَابَكِ لِلْهَوَى
أوْ شِئْتِ عُرْسَاً جِئْنَ بِالأفْرَاحِ
إنْ تَمْزِجِيْهَا يَا مِزاجَ قَصِيْدَةٍ
كَتَمَازِجِ الأرْوَاحِ.. بِالأرْوَاحِ
يُنْجِبْنَ حُبَّاً كَمْ تَمَنَّتْهُ الْوَرَى
قَلْبُ الأمِيْرِ.. وَمُهْجَةُ الْفَلاَّحِ
أوْ تَلْمُسِيْهَا وَالْحُرُوفُ عَلِيْلَةٌ
تَبْرَا فَيُشْرِقُ مِنْ يَدَيْكِ صَبَاحِي
حَتَّى إذَا قَامَتْ تُقَوِّمُ خَطْوَهَا
طَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا بغيرِ جَنَاحِ
مِنْ مُزْنِهِا خَمْرٌ وَعَزْفُ مُغَرِّدٍ
وَالسِّرُّ فِي الْجُلّاَسِ لا الأقْدَاحِ
أرْسَلْتُهَا للنَّاسِ مَا مِنْ غَيْرِهَا
تُسْبِي وَتَأْسِرُ دُوْنَ حَمْلِ سِلاحِ
الْوَجْهُ مِنْ وَرْدٍ وَرِقَّةُ حُسْنِهَا
مِنْ زَنْبَقٍ.. يَخْتَالُ عِنْدَ أقَاحِ
بَيْنَ التَّمَنُّعِ وَالْقُبُولِ حِكَايَةٌ
مِنْ جُوْدِ تَوْرِيَةٍ وَمِنْ إفْصَاحِ
لا كُرْهَ فِي قَلْبِ الْقَصِيْدَةِ إنَّهَا
مَعْجُوْنَةٌ مِنْ طِيْبَةٍ وَسَمَاحِ
وَتَفِيْضُ حُبَّاً لِلْبِلادِ وَأهْلِهِا
تُهْدِي النُّجُوْمَ لأعْيُنِ الْـمَلّاَحِ
الْحُبُّ سِرٌّ والثِّمَارُ مَشَاعَةٌ
يَا جَنَّتِي مِنْ دَهْشَةِ التُّفَّاحِ!
وَالْحُبُّ أصُلٌ كَالْحَلالِ بِطَبْعِهِ
مَنْ قَالَ إنَّ الْحُبَّ غَيْرُ مُبَاحِ؟!
هَذَا تَزَمُّتُهُمْ.. وَتِلْكَ قَضَيَّتِي
مَا بَيْنَ تَغْرِيْدِي بِهَا وَنُوَاحِي
الْحُبُّ مَنْجَاتِي وَحُبُّكِ مُنْقِذِي
مِنْ ذَا السَّوَادِ يُطِيْلُ نَبْشَ جِرَاحِي
قَلْبِي أنَا عَارٍ أمَامَ عُيُونِهِمْ
إلاَّ مِن التَّقْوَى وَثَوْبِ صَلاحِي
دَثَّرْتُهُمْ عُمْرَاً بِدفءِ قَصِيْدَتِي
قُوْمِي اسْتُرِي عُرْيَ الْفَتَى بِوِشَاحِ
وَتَحَدَّثِي مِثْلِي كَأنَّا يَا أنَا
نَايَانِ.. فِي كَرْمٍ كَرِيْمِ الرَّاحِ
حَتَّى إذَا مَالا جَوَىً وَتَعَانَقَا
لا تَخْجَلِي فَالْجَالِسَاتُ جِرَاحِي