د. محمد بن عبد الله ال زلفة
من يشاهد والأكيد أن الكل شاهد ما يحدث في بلدة مضايا السورية من مظاهر الحقد والكراهية ضد سكان هذه المدينة من قبل الطائفين نظام بشار الأسد وميليشيا حزب الله وغيرهم من المليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية وغيرهم، شاهد أعمال
تقشعر منها الأبدان وتشيب لها الرؤوس من هول ما رأينا عليه أحوال سكان تلك المدينة من تجويع حتى الموت لم نشاهد أو نقرأ له مثيلاً في التاريخ حتى على أيدي أشد وألد أعداء هذه الأمة على مدى تاريخها.
وننتقل إلى ما نشاهده من مشاهد مماثلة في مدينة تعز اليمنية التي يتعرض أهلها إلى أشد أنواع القسوة والتعذيب والتجويع على أيدي طائفيين ابتليت أرض اليمن بهم من الحوثيين الذين تشبعت نفوسهم بقدر هائل من الكراهية والحقد على أبناء بلدهم, حيث تشبعت تلك النفوس الكريهة بالحقد والكراهية الذي بثه فيها الحقد الطائفي الفارسي الذي امتلأت نفوسهم بالحقد المزدوج على العرب حقد قومي فارسي وحقد طائفي ضد كل من لا يكون على شاكلتهم أو مذهبهم.
ثم ننتقل إلى ما يحدث في المقدادية في ديالي في أرض العراق وما شاهده كل العالم من قتل وحرق وترويع ضد سكان تلك المنطقة طال شنائع الجرم والحقد إحراق المساجد وهي تغص بالمصلين أو اللائذين بها من مطاردة الطائفين وأسيادهم الفرس الذين لم يرعوا لدماء أبناء وطنهم حرمة أو ذرة من نخوة وطنية لأن الذين يقتلونهم ويحرقونهم أحياء في المساجد هم أبناء وطنهم. والمحرك لكل هذه الجرائم والأحقاد دولة ولي الفقيه الحاقدة على كل ما هو عربي.
لا أريد أن أسترسل في ضرب المزيد من الأمثلة على ما يقوم به الطائفيون من وحشية ضد الإنسانية وهم بكل أسف يؤمنون بأن ما يقومون به من هذه الأعمال إنما يتقربون بها إلى الله وقربة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه الذين يقولون أي الطائفيون، أنهم بقيامهم بهذه الأعمال الوحشية ينتقمون لهم والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بريئين مما يقوم به هؤلاء الوحوش وأنهم في قبورهم يلعنون هؤلاء المجرمين الذين يقتلون أتباع أمة محمد بحجة الانتقام فنبي هذه الأمة وابن عمه الخليفة علي رضي الله عنه وولديه الحسن والحسين وأمهما الطاهرة البتول، هم بيت الرحمة والمودة والحب والتسامح. يتبرأون مما يقوم به هؤلاء من الظلم والعدوان والتوحش.
إن هذه الأحقاد والكراهية التي يتوارثها هؤلاء الطائفيون جيلاً عن جيل ما هي إلا أحقاداً وكراهية زرعها مجوس الفرس ومن خلفهم من الصفويين ضد العرب وضد الدين الإسلامي المتسامح العظيم دين المحبة والرحمة كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس كافة.
والمؤسف أن الطائفيين والمتمذهبين من العرب انطلت عليهم أكاذيب علماء فارس المتعصبين الذين زرعوا مثل هذه الأحقاد والكراهية ونشروها في صفوف من صدقهم من العرب لكي يدقوا أسافين العداوة والبغضاء والكراهية بين العرب أنفسهم وهم أي الفرس بهذا يشفون غليلهم من كل ما هو عربي فألبسوا عداوتهم وحقدهم على العرب هذا الرداء الديني الدخيل وما يصاحبه من طقوس وعقائد تتعارض في معظمها مع كرامة الإنسان الذي كرمه الله من بين مخلوقاته وجعل له عقل يفكر به وخلقه على الفطرة فطرة المحبة والمودة والرحمة ولم يزرع في نفسه ما زرعته عقائد المجوس الفرس من هذا القدر الهائل من الكراهية والحقد لدرجة أصبح الكره والحقد لدى متطرفي هؤلاء القوم جزءا من العقيدة إن لم يكن أحد أركانها.
نشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها 13576 بتاريخ 20 يناير 2016م خبر مفاده صدور فتوى لأحد المراجع الزيدية الهادوية في اليمن محمد المطاع وعمره 80 عاماً تكفر القيادات الموالية للشرعية وتهدر دماءهم كما تكفر كل المعارضين لعبد الملك الحوثي, قوبلت هذه الفتوى وربما لا تكون الوحيدة من علماء هؤلاء الطائفين بانتقادات واسعة لأن الكثيرين من أبناء اليمن اعتقدوا أنهم قد تجاوزوا إصدار مثل هذه الفتاوى المذهبية البغيضة واعتقدوا أن ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد الإمامة قد أتت على آخر من يفكر بمثل هذه الفتوى, حيث كان هناك في العهد الامامي متشددون من علماء الزيدية من كان يصدر مثل هذه الفتوى ضد كل من اختلف معهم في المذهب الزيدي, والغريب أن من استنجد بمثل فتاوى هؤلاء العلماء الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي لم يكن إلا سارقاً للثورة وخائناً لمبادئها بتفريق وتمزيق وحدة اليمن مذهبياً, والإمام المزعوم والداعي إلى إعادة الإمامة عبد الملك الحوثي وحثه على إصدار هذه الفتوى لا يستغرب فربما في أدبيات الحوثي ما هو أشد وأفظع مما تضمنته هذه الفتوى بدليل ما يقوم به أتباعه من قتل وتجويع وتعذيب وإهانة لأبناء تعز وما ماثله من قبل في عدن ولحج وما يمارسونه الآن في الحديدة وبيت الفقيه وما حولها من منطلقات عقائدية وشحن مذهبي بغيض.
إن هذا الفكر الطائفي البغيض لدى عبد الملك الحوثي وأتباعه إنما هو استمراراً واعتقاداً منهم بالتقرب إلى الله بدماء من اختلف معهم في المذهب وهو موقفهم والذي ظل والي عهد قريب من حكم الإمامة حينما فرض الإمام يحيى سطوة حكمه بالقوة على سكان اليمن المخالفين لمذهبه الزيدي من الشافعية وهم أغلبية سكان اليمن. ومركزهم الحصين تعز وحاضرة العلم والعلماء بيت الفقيه.
فها هو أحد علماء الزيدية يكتب بتاريخ 7 رجب 1348هـ إلى سيف الإسلام محمد «نجل أمير المؤمنين الإمام يحيى» بعد قيامه بالقضاء بشكل مروع على ثورة أبناء اليمن التهامي من الشوافع الذين ضاقوا ذرعاً من ظلم حكم الإمام (1), والمعروفة بثورة الزرانيق في رسالة طويلة يهنئ ابن الإمام بالنصر المبين على من وصفهم «بأعداء الدين والمارقين», ويستطرد في رسالته بقوله «ما ابرك اليوم الذي نشر فيها تلغرافكم المنبئ بدخول جيوش المؤمنين بيت الفقيه وتسليم بقية الخارجين, فو الله لقد أزاح هذا الانتصار كابوساً على قلوبنا طالما قاسيناه وكما كنا نتمنى ذلك اليوم الذي نسمع فيه بسحق الزرانيق, ثم يقول وهو رأس القصيد «يا ليتني كنت مع الفاتحين لكنت تقربت إلى الله بقتل صغارهم قبل كبارهم» أنظر إلى شدة الحقد والكراهية التي تنطوي عليها نفوس هؤلاء الطائفيين والمذهبيين الكارهين لأبناء وطنهم.
لم يكتف صاحب الرسالة المطولة بما نعت به خصومه في المذهب بل وضع للإمام منهجاً بفرض المذهب الزيدي على كل اليمن.
ما أشبه اليوم بالبارحة بل ما يقوم به الحوثيون اليوم أشد ضراوة ضد أهل تعز والمناطق الشافعية فلم يبقوا وسيلة إلا واستخدموها ضدهم بالتعذيب والقهر والتجويع وهدم منازلهم وإهانة كبارهم وإذلال نساءهم وقتل أطفالهم. أي وطن يريدوا أن يحكموه بعد أن فعلوا في أهله كل هذه الأفاعيل.
ومما زاد من ضراوة الحوثيين ووحشيتهم ضد من اختلف معهم من أبناء اليمن سرقهم للزيدية المعتدلة وتبنيهم الأفكار الخمينية المشبعة بالحقد والكراهية ضد كل ما هو عربي. فهل آن لأبناء الأمة العربية والشعب اليمني العربي الحر أن يستيقظوا من سباتهم ويعرفوا الفرس الصفويين على حقيقتهم الذين لا يريدون لهذه الأمة العربية أي خير ولا استقرار ولا ازدهار, وأكرر القول إن هؤلاء الطائفيين يقومون بهذه الفظائع وهم يعتقدون أنهم بذلك ينصرون آل البيت وآل بيت النبوة منهم وما يعملون براء.
1- تم الحصول على هذه الوثيقة مما نهب من أرشيف قصر الإمام في صنعاء بعد ثورة سبتمبر 1962م.