مهدي العبار العنزي
عندما صرخ الشاعر لقيط بن يعمر وأرسل قصيدته المشهورة إلى قومه حذرهم من غزو الفرس لهم استجابوا له واستعدوا وهزموا الجيش الفارسي الذي كان يريد تحطيمهم وقتلهم ونهب ممتلكاتهم وعندما صرخت بنت النعمان بن المنذر كان فرسان العرب من أبناء بكر بن وائل من أنقذها وهزموا الفرس شر هزيمة
.. كان ذلك قبل بزوغ فجر الإسلام وكسر العرب شوكة الفرس وحطموا آمالهم وتوسعهم رغم قوتهم وحقدهم الدفين على أمة الضاد، والذي استمر مرورا بكل العصور، ثم جاءت صرخة مدوية من آخر ولاة الأمويين على خرسان الشاعر نصر بن سيار قبل أكثر 1200 عام، والذي قال مخاطبا العرب والذين كان الخلاف بينهم والاقتتال يقول من قصيدة مشهورة:
ما بالكم تلحقون الحرب بينكم
كأن أهل الحجا عن فعلكم غيبٌ
وتتركون عدوا قد أحاط بكم
في من تأشب لا دين ولا حسبٌ
وقال مؤكداً أن عقيدتهم هي القضاء على العرب يقول:
من كان يسألني عن أصل دينهمٌ
فإن دينهمٌ أن يقتل العربٌ
ورغم هذه الصرخة المدوية من الشاعر ابن سيار لم يستجب له قومه، وأن من خاطبهم لم يستمعوا له! واستمر الخطر الفارسي بالتصاعد والعرب لاهون في محاربة أنفسهم، رغم علمهم بهذا الخطر الذي كان ولا زال مهدداً وجودهم وعقيدتهم، وهذا التمدد الفكري والعقائدي، وها هم العرب دون سواهم يمرون في مرحلة خطرة وتاريخية غُيِّب فيها العقل العربي وأصبح أصحاب الفكر والعلم غير قادرين على تحقيق آمال وطموحات الأمة.
كنا نتحدث عن وحدةٍ عربية وقمم كثيرة وتصريحات أكثر كانت أملا لجمع الشمل وإيصال العرب إلى المكانة التي يستحقونها، ولكن لم يتحقق ما يصبو إليه الإنسان العربي، وبدأ يفقد ثقته؛ لأن لم شمل العرب ورؤيتهم وعطاءهم الحضاري لن يتحقق، وأصبح كثير من العرب اليوم يتكئ على الأساطير والملاحم تاركين من يسعى إلى تدمير قدراتهم في كل شيء، ومن أهمها هذه الأفكار الهدامة والمتطرفة والتي أوجدها الفرس ليحققوا غايات عجزوا عنها سابقا في ميادين القتال؟!
لا نريد أن يجرد العرب سلاحهم للقتال ولكننا نريد أن يوحدوا صفوفهم، وأن تكون كلمتهم واحدة وينهوا هذه العداوات بينهم؛ لأن الأعداء يتربصون بهم من كل جانب، ونريد من علماء الأمة وأصحاب العقول النيرة أن يقاوموا هذا الفكر الفارسي الهدام بالفكر وفتح الأبواب للمناظرات والمحاورات ،ونرد على بضاعتهم ببضاعة أخرى تبين منهج الحق والاعتدال، وأن نعتمد في حواراتنا على الفكر السليم الذي وهبه الله لنا والأدلة من القرآن والسنة، وأخيراً : هل نتجاوب مع صرخة ابن سيار؟