عماد المديفر
في الوقت الذي أدانت فيه جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي انتهاكات إيران الصارخة لكل المواثيق والأعراف الدولية التي تشدد على حماية وحصانة البعثات الدبلوماسية والقنصلية، وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية.. تعترف هذه الدولة بطغيانها، وتكشف استمرار نهجها الداعم للإرهاب، ويرفع القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري عقيرته متشدقاً بدعم الإرهاب، ويصرح علناً عن وجود ما يقرب من 200 ألف مقاتل مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني المصنف دولياً كمنظمة إرهابية، موجودين في 5 دول عربية وإسلامية تئن جميعها من وطأة الاضطرابات والإرهاب.. وهي سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان، هذا هو المعلن، فيما كشفت تقارير أمنية واستخباراتية وإعلامية من مصادر متنوعة عن وجود مجاميع أخرى مرتبطة بطهران منتشرة أيضاً في مصر والأردن وفلسطين والجزائر والمغرب، بل وحتى في نيجيريا والنيجر ومالي وصولاً إلى دول شرق آسيا.. حيث تايلاند وماليزيا والفلبين وإندونيسيا.. فيما دعا «جعفري» القيادي الإيراني البارز في المنظمة الثورية الإرهابية الإيرانية التي بُنيت عقيدتها بالأساس على «مبدأ تصدير الثورة».. وامتداد حكم «الولي الفقيه» ليشمل أرجاء العالَمَين العربي والإسلامي.. دعا الشباب الإيراني صراحة للمشاركة في الحرب بسوريا والعراق واليمن ضد أهلنا في سوريا والعراق واليمن..!
إنه إعلان حرب واضح لا يقبل النقاش والتأويل، ضد الدول والشعوب العربية والإسلامية دون استثناء.. بعيد كل البعد عمّا يتشدق به وزير خارجية طهران الذي يسعى للتعمية على الحقائق، وتضليل الرأي العام الغربي عبر وسائل الإعلام الغربية، وكذلك تفعل بعض مراكز الدراسات والأبحاث الغربية الملغمة بباحثين مرتبطين بطهران، والتي ترفع نتائج دراساتها المفتقدة لأدنى درجات الموضوعية، ترفعها للبرلمانات والنواب والشيوخ، ومطابخ صنع القرار لدى عديد من الدول الغربية، وبلغاتهم المحلية، وتقدمها كـ«دراسات علمية موضوعية»، مدعية من خلالها أن في إيران طرفين يتنازعان السلطة، هم المحافظون، والإصلاحيون، وأننا يجب أن ننفتح على طهران رغم كل ما يفعل التيار المحافظ المتشدد، الذي تنسب إليه التصريحات والأعمال الإرهابية والعدائية والتدخلات في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية والإسلامية، معللة رأيها المضلل هذا بأنه «الحل الأمثل لقطع الطريق على المحافظين، ودعم الإصلاحيين في جهودهم، لنقل إيران من دولة راعية للإرهاب إلى دولة معتدلة»..!
ما هذا الهراء..؟! وأي كذبة كبرى هذه..؟! إن هذه التقسيمات بهذا الشكل وهذا التبسيط غير حقيقية، فما يسمون بـ «الإصلاحيين» لا يقلون إرهاباً عن «المحافظين».. فكلا الفريقين يؤمن ويعتقد جازماً بولاية «الولي الإلهي الفقيه»، لا يحيد عنها ولا عن توجيهاته مقدار أنملة، معتبرين بل ومؤمنين إيماناً كاملاً بأن هذا «الولي» هو «نائب عن الإمام الغائب» أو «المهدي المنتظر» الذي لا ينطق عن الهوى، بل هي توجيهات «إلهية مقدسة»، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.. كما يؤمن الفريقان كلاهما بأن من لا يؤمن بالولي الفقيه فهو لا يؤمن بإمامة الأئمة الاثنا عشر، ومن لا يؤمن بإمامة واحد فقط منهم فهو «كافر ضال مخلد في النار».. والعياذ بالله.. عقيدة إرهابية تكفيرية لم يرَ العالم لها مثيلاً من قبل ومن بعد.
إن تاريخ إيران «الملالي» مع الدول العربية والإسلامية.. تاريخ سيئ.. والحاضر لا يقل سوءاً عنه.. فماذا نتوقع من دولة راديكالية ظلامية توسعية تعيش أحلام القرون الوسطى في الهيمنة والاستحواذ.. يحكمها «المرشد».. أو «الولي الفقيه»؟
تمارس الخداع.. وتشتهر بالكذب ونقض العهود؟! تدعم الإرهاب بشقيه «السني» و»الشيعي».. وتنمي الطائفية.. وتصدر فكر «الثورة الإسلامية» ؟!
إيران «حكم الولي الفقيه» نمر من ورق.. لكن بمخالب فولاذية.. هي أضعف من المواجهة المباشرة.. لذلك فقد ثبت وبالأدلة القطعية لدى دوائر الأمن والاستخبارات العربية أن إيران تدعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية داخل الدول العربية.. وتستخدمها لتنفيذ أجنداتها في المنطقة، لنشر الفوضى والدمار والاقتتال داخل الدول العربية وبأيدي أبنائها من خلال حركات الإسلام السياسي التي تتشابه حد التطابق مع النظام الإيراني القائم حالياً.. ومن خلال ذلك نفهم بند «تصدير الثورة الإسلامية» المنصوص عليه في الدستور الإيراني.. ولنا في مصر أيَّام حكم «الإخوان المسلمين» الإرهابيين خير مثال.. حين حاول «مرسي» إنشاء قوات عسكرية خاصة شبيهة بـ «الحرس الثوري» الإيراني.. وعلى ما اذكر كان يريد تسميتها أيضاً «حرّاس الثورة» أو شيء من هذا القبيل.. وهي الفكرة التي طرحتها عليه - وفق التقارير الأمنية الموثقة - الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني الذين وعدوا بتقديم الدعم اللوجستي والخبراتي الكامل لهذه المجموعات الإرهابية التي كان من مهامها إخضاع الشارع المصري لحكم المرشد.. تماماً كما يعملون حالياً مع الشعب الإيراني خصوصاً العرقيات العربية والكردية والبلوشية والآذرية التي تتطلع إلى اللحظة التي تنعتق فيها من هذا الطغيان.
لذلك كله.. فإنَّ مستقبل علاقات العرب والمسلمين جميعاً بإيران.. تحدده هي من خلال كفِّها عن التدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية بدءاً من سوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين وأفغانستان وباكستان والصومال.. وغيرها.. والتوقف التام عن دعم الجماعات الإرهابية، وعليها احترام مبادئ حسن الجوار.. الكرة في ملعبها.. وهي من تقرر مستقبل علاقتنا بها.. لكن أيضاً يجب على الدول العربية والإسلامية أن توصل رسالتها إلى هذه الدولة الإرهابية المستكبرة بشكل أكثر وضوحاً.. فتاريخنا وحاضرنا معها يؤكد أنها دولة كاذبة، لا تفهم إلا لغة القوة والحزم.. لذا فقد وجب ذلك على جميع من يريد المحافظة على أمن بلاده من خطر الإرهاب والفتن الطائفية التي تغذيها دولة التكفير والإرهاب الأولى في العالم.. «إيران ولاية الفقيه الإلهي» تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.