إبراهيم السماعيل
منذ بداية الربيع العربي بل منذ سقوط العراق بيد الاحتلال الأمريكي، وأنا أبحث بجد واجتهاد عن الدافع والقضية التي يقاتل في سبيلها عرب الفرس في الوطن العربي باستماتةٍ وشراسة، وكيف ولماذا تمكّن عرب الفرس في أوطاننا من إحداث هذا الكم الهائل من الخراب والدمار والكراهية، وخصوصاً عندما يحكمون كما في العراق وسوريا أو يتحكمون كما في لبنان واليمن، حيث يقوم هؤلاء باختطاف أوطان بكاملها ويحكمونها ويتحكمون بها نيابةً عن ولمصلحة الفرس.
لقد حاولت أن أضع قضية فلسطين في مقدمة قضاياهم ودوافعهم لهذه الاستماتة والشراسة والوحشية في القتل لكن ما يمارسه هؤلاء في العراق وسوريا واليمن ولبنان ضد أبناء أوطانهم يكذب كل ادعاءاتهم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبقتال العدو الصهيوني بالرغم من الكثير من حروبهم الكلامية تماماً كما يفعل الفرس مع هذا العدو والقليل جداً من المناوشات التي القصد الأساس منها إكساب حربهم الكلامية وشعاراتهم الرنانة والمضللة بعض المصداقية، وإسرائيل والقوى الكبرى من ورائها تعلم هذا جيداً ولا تمانع بإعطائهم ما يريدون.
حاولت أيضاً أن أجد مبررات أخرى تكون أكثر واقعية وتقف وراء كل هذا الكم الهائل من الوحشية والشراسة في القتل، وافترضت أن تكون شهية الحكم والسلطة هي الدافع، لكن واقع الحال يكذب هذا الافتراض أيضاً حيث أن ما يمارسه هؤلاء هو الحكم بالوكالة عن الفرس فقط، وهذا يعني أنهم مجرد أدوات للمشروع الفارسي يمكن إلغاؤهم وإحلال آخرين أكثر إخلاصاً في عمالتهم للفرس بدلاً عنهم عندما يفكرون مجرد تفكير أن يقدموا مصلحة أوطانهم على مصالح الفرس في أوطانهم.
حاولت أيضاً أن أجد مبررات أخرى قد تكون أكثر واقعية بعد استبعاد المبررات السابقة، فافترضت أن يكون أحد المبررات هو إحلال الديمقراطية والحرية والازدهار لأوطانهم كما يزعمون، لكني لم أجد منهم وبسببهم سوى المزيد من القتل والقهر والفساد والدمار الشامل وتغذية الإرهاب واستعماله كفزّاعة لتكريس اختطاف أوطانهم ووضعها تحت الوصاية الفارسية.
حتى لا يكون حديثنا مرسلاً، ولا يستند إلى وقائع وأدلة سوف نورد مثالين باختصارٍ شديد هما: حزب الله في لبنان، وشيعة الفرس في العراق، وهما من يحكمون أو يتحكّمون في هذين البلدين فعلياً:
العراق
منذ استلام أو لنقل تسليم الأمريكيين الحكم في العراق لعرب الفرس فيه عام 2006 ميلادي كان أول ما فعله هؤلاء أن سلموا العراق لإيران بشكلٍ فعلي وبموافقة وربما بتعليمات أمريكية، وبعدها بدؤوا هم وإيران بممارسات طائفية بشعة بافتعال تفجيرات في المناطق السنية والشيعة على حد سواء لتكريس هذه الطائفية، وبتغذية الإرهاب السني وتسهيل كل السبل الكفيلة بإنجاحه ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما قام به نوري المالكي من إطلاق آلاف السجناء المتهمين بالإرهاب من السجون العراقية بطريقة مريبة تم فضحها من بعض العراقيين في حينه والتي قادتنا إلى مؤامرة اجتياح داعش واحتلالها لمحافظات عراقية كثيرة، حيث إن المخابرات الإيرانية قبل هذه الأحداث وبتسهيل من حكام العراق الشيعة قامت بتفجير المرقدين العسكريين وإلصاق التهمة بالإرهاب السني (وهذا موثق بالأدلة الدامغة ومعلن) مما وفر الأرضية والبيئة المناسبة لبدء المالكي فعلياً في ممارسة الإبادة الجماعية ضد العرب السنة في العراق والتي تُوِجت بإنشاء الحشد الشيعي والذي مارس وما زال يمارس أبغض أنواع الإبادة الطائفية تحت عنوان محاربة داعش، ولا يتسع المجال هنا لتعداد جرائم نوري المالكي وعصابته الحاكمة من عرب الفرس في العراق وهي أكثر من أن تحصى وأبشع من أن توصف، في هذه الأثناء أنهمك عرب الفرس والفرس في العراق بنهب ثروات العراق بشكل شخصي (وهذا موثق ومعروف لمن يريد البحث عن مصداقيته) وبتسخير موارد وثروات العراق للصرف على مغامرات الفرس في المنطقة العربية، بينما الشعب العراقي يرزح تحت وطأة فقرٍ شديد وانعدام شبه كامل لكل الخدمات في المناطق الشيعية والسنية على حدٍ سواء، باختصار لم يتصرف عرب الفرس أثناء حكمهم للعراق إلا بوصفهم غزاة ومحتلين أو في أحسن تقدير كوكلاء للمحتل الفارسي بينما يعيش أبناء الشعب العراقي بكل طوائفه في مزيدٍ من البؤس والشقاء والحروب الطائفية المتوحشة والتي أفنت أبناءه سنةً وشيعة، وهذا بالتحديد ما تريده إيران ومن يدعم إيران من القوى الكبرى وإسرائيل، فانظر أيها القارئ الكريم أي خدمة أكبر من هذه الخدمة قدمها عرب الفرس في العراق لكلٍ من إيران وإسرائيل والقوى الكبرى، إن هؤلاء لا يحلمون بأفضل من هذا حتى في منامهم.
لبنان
منذ أن قام الفرس بإنشاء حزب الله في لبنان مع بداية ثمانينيات القرن الماضي بعد الاتفاق مع حافظ الأسد كان أحد الأهداف الرئيسة من إنشائه هو إلغاء أي مقاومة للعدو الصهيوني في لبنان غير المقاومة المدعومة من إيران والنظام السوري (عندما كان هذا النظام لاعباً مخرباً في قضايا الشرق الأوسط وليس كما هو عليه الآن دميةً في أيدي الاحتلالين الروسي والإيراني) حيث لم يكن الهدف من إلغاء المقاومات في لبنان وإحلال مقاومة عرب الفرس فيه إلا مقدمة لاختطاف لبنان كله ليكون ورقة في أيدي الفرس والأحداث التي تعاقبت بعده كلها تؤكد هذا.
فبعدما سُمي زوراً عام التحرير أي عام 2000 ميلادي والذي قامت إسرائيل أثناءه بالانسحاب من طرف واحد تماماً كما فعلت في غزة بعدها بسنوات أصبح حزب الله يتحكم فعلياً في لبنان تحت وقع وصدى هذا التحرير المزعوم والذي استثمره الحزب في المزيد من السيطرة على اللبنانيين وترهيبهم ولم ينعكس هذا التحرير المزعوم لا ازدهاراً اقتصادياً ولا أمنياً على لبنان واللبنانيين لا بل إن الحزب لم يكتف بعده بترهيب اللبنانيين فقط بل أفسد كل محاولات رفيق الحريري الهادفة إلى جعل لبنان يعود كما كان قبل الحرب الأهلية قِبلة السياحة والعلم والطبابة والتجارة في المشرق العربي كله حيث انتهت محاولات الحزب التخريبية إلى إفساد كل ما كان الحريري يهدف للوصول بلبنان إليه بل وقام الحزب وعصابة الأسد في سوريا باغتيال الحريري نفسه بعدما حاول النأي بلبنان عن المخططات الفارسية الأسدية المدمرة.
والكارثة المؤلمة أن هذا الحزب وجد مناصرين له من السنة والمسيحيين في لبنان الواهمين أنهم مستفيدون من الحزب ومن عمالته للفرس.
بعد جريمة اغتيال الحريري كشف الحزب عن وجهه الفارسي بكل جرأة وافتعل كارثة ما يسميه النصر الإلهي عام 2006 والتي قال بعدها أمين الحزب حسن نصر الله قولته المضللة المشهورة (لو كنت أعلم) وبعد كل هذا اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الحزب مجرد وكيل للمصالح الفارسية في لبنان وكل اللبنانيين يعرفون ماذا فعل الحزب في ما سُمي وقتها بأحداث القمصان السود الشهيرة والتي أدت إلى الإعلان الفعلي من الحزب عن اختطاف لبنان كله ووضعه تحت تصرف الولي الفقيه في طهران يأتمر بأمره وينفذ سياساته.
وقد كان للثورة السورية الفضل الأكبر في نزع آخر أوراق التوت التي كان هذا الحزب يتستر بها وساهمت الثورة السورية في كشف زيف وكذب كل شعاراته فها هو الحزب يمارس دور مخلب القط الفارسي في إبادة الشعب السوري السني تحديداً نيابة عن الفرس ويعزز الطائفية البغيضة التي طالما سعت وحلمت إيران بزرع بذورها ونشر شرورها في الوطن العربي كله.والأمر نفسه ينطبق على العلويين أو أكثرهم وبعض قصيري النظر من سنّة ومسيحيين في سوريا، وكذلك المتشيعين الجدد وحلفائهم من بقايا نظام المخلوع علي عبد الله صالح في اليمن.
بعد كل ما تقدم، فإنني بعد بحثٍ طويل ومحاولات كثيرة لإيجاد مبررات تقف وراء هذا الاستشراس والوحشية وكمية الحقد الهائلة في قتل هؤلاء لأبناء وطنهم قد تكون منطقية أو قومية وتصب في مصلحة الأمة العربية أو حتى في مصلحتهم هم وليس في مصلحة الفرس لم أجد سبباً واحداً أُنصِف به عرب الفرس في وطننا العربي غير دافع الطائفية البغيضة التي تتقدم لديهم على انتمائهم لأوطانهم وعروبتهم والتي قادتهم إلى العمالة الكاملة للفرس ومعاملة مواطنيهم وأوطانهم معاملة الغزاة والمحتلين نيابةً عن الفرس ولمصلحتهم.