زكية إبراهيم الحجي
الترحال من مكان إلى آخر وإقامة العلاقات التجارية وتبادل السلع والمهارات والأفكار والثقافات سمة مشتركة بين الدول والمجتمعات منذ الأزل.. ففي القرون الوسطى كانت القوافل التي تجرها الأحصنة والجمال وسيلة معتادة للتنقل والسفر براً عبر دروب تشابكت وترابطت مع الوقت لتشكل فيما بعد ما يُعرف اليوم باسم»طرق الحرير»فكيف بدأ طريق الحرير ولماذا سُمي بهذا الاسم؟.
طريق الحرير هو ممر كانت تسلكه القوافل عبر قرون طويلة لإيصال البضائع من جنوب غرب الصين حتى روما في مرحلته الأولى أما مرحلته الثانية فكانت رحلته إلى إيران رحلة الوهاد الوعرة والممرات الخطرة مروراً بحواف سفوح التبت ومن بلاد فارس إلى بلاد الشام وأرض الرافدين حيث يتم توزيع البضائع بأنواعها المختلفة وعلى رأس هذه البضائع الحرير الذي اشتهرت الصين بإنتاجه وصناعته حتى إنّ صناعته كانت سراً من أسرار صناعة الصين التي لا تباح لدرجة أن أحد أباطرة الرومان طلب الوقوف على سر صناعته إلا أن طلبه قوبِل بالرفض بحجة أن إنتاجه وصناعته مرتبطان بالطقوس الدينية وليس هناك من يفهم أسرارها سوى الرهبان ورجال الدين.. لذلك أطلق على الطريق الذي تعبر منه قوافل الحرير الصيني بطريق الحرير ومن خلال هذا الطريق انتقلت الثقافة والعلوم والسلع الصينية إلى بلاد الغرب وبالمقابل دخلت الحضارة الغربية إلى الصين عبر طريق الحرير.
لعل الإرث الأكثر دواماً والذي تركه طريق الحرير هو دوره في تلاقي ثقافات الشعوب وتيسير المبادلات بين بعضهم البعض مما حدا تجار تلك الفترة إلى تعلم اللغات والتعرف على تقاليد البلدان التي يسافرون إليها لعقد مفاوضاتهم المختلفة والأهم من ذلك كله أن طريق الحرير كان له دور أساسي في نشر الدين الإسلامي في دول آسيوية عديدة كماليزيا وإندونيسيا وغيرهما من الدول.. وتروي كتب التاريخ أنه في القرن الثالث عشر كان يقال كان بوسع أي امرأة أن تحمل الذهب والجواهر وتمشي بمفردها من الصين إلى تركيا عبر طريق الحرير دون أن تتعرض للأذى وقد يكون في ذلك مبالغة إلا أن ذلك يندرج تحت باب أمن الطرق.
عوالم من المشاهد والرحلات..وقوافل محملة بالنفائس جابت الصحارى والواحات عبرت طريق الحرير الصيني في قرون مضت كان التاريخ شاهداً عليها ومثبتاً أن التنين الصيني سابق في حضارته وحضوره المزدهر والصين اليوم تعتبر من الدول الفاعلة في المنطقة ولاعب دولي مهم وتمتلك نفوذاً واسعاً..وتربطها علاقات مشتركة مع عدد كبير من دول الشرق الأوسط..كما تربطها علاقات إيجابية مع المملكة العربية السعودية, فهل يسعى التنين الصيني يوماً ما إلى إعادة إحياء طريق الحرير لربط المنطقة بروابط أوثق..لاسيما أن الرحالة العربي ابن بطوطة والذي مر يوماً ما عبر طريق الحرير قال: «إذا كنت تسعى للنجاح فاجعل وجهتك شرقاً»..وهذا يعني أن إحياء طريق الحرير التاريخي من شأنه أن يساعد على ازدهار الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط.