سعد بن عبدالقادر القويعي
منذ أن بقيت العلاقات الدبلوماسية عند أدنى مستوياتها بين البلدين، وإعراب السعودية مراراً عن انتقادها لممارسات سياسية طائفية في العراق، ورفضها للتدخلات الخارجية فيه، تحدث اليوم حملة سياسية ضد سفير المملكة في بغداد -الأستاذ- ثامر السبهان، وذلك بعد أيام من تسلم مهام عمله في بغداد.
وللحق فقد بدأت تلك الحملة بعد حديث أدلى به السبهان لإحدى الفضائيات العراقية، تحدث خلاله عن قضايا محلية، وإقليمية، من بينها: «دور المملكة في محاربة الإرهاب»، مؤكدا أن: «الرياض حريصة على كل القوى السياسية بالعراق». وقد أبدى تحالف القوى العراقية، وهو ممثل السنة في الحكومة، والبرلمان في بيان -قبل أيام- استغرابه من هذه الحملة السياسية المعدة سلفا ضد السفير السعودي، مبينا: «أن تصريحاته التي أدلى بها كانت طبيعية جدا، وتحمل نوايا طيبة تجاه جميع العراقيين بلا تمييز، منذ أن قررت المملكة إعادة فتح سفارتها في بغداد، واستئناف علاقاتها الدبلوماسية، وهي تواجه حملة إعلامية، وسياسية، تستهدف هذا الانفتاح العربي تجاه العراق من قبل قوى سياسية، وشخصيات معروفة الانتماء، والتوجه، والقصد منها هو دفع الأمة العربية؛ كي تدير ظهرها للعراق، وتعزله؛ ليكون منفذا، وبوابة لتوجه وحيد لا غير».
مع تسارع الأحداث في الآونة الأخيرة في العراق، وما أفرزه ذلك من إسقاطات بليغة على المنظومات، والتكتلات العراقية، بعد أن تبين عمق المأزق الذي يعيشه النظام العراقي، وما نتج عنه من فوضى سياسية استغلتها القوى الإقليمية الأخرى في المنطقة، -لاسيما- إيران؛ لزيادة نفوذها في الثغور العربية.
كما سعت إيران إلى التأثير في سياسات العراق من خلال العمل مع الأحزاب الشيعية؛ لخلق دولة ضعيفة يهيمن عليها الشيعة، الذين سيتقبلون النفوذ الإيراني، -وبالتالي- يمكن القول: إن ما يقع اليوم على سنة العراق يرقى إلى أن يكون إبادة جماعية، وتغييراً لديمغرافية البلد، وهو ما سيسهل مهمة إيران فيما تسعى إليه لو قدر لها ذلك.
مهما يكن من أمر الجواب، تبقى الحقيقة واضحة، وجلية حول تعاظم الأهمية الاستراتيجية لأفق العلاقة بين السعودية، والعراق، الذي سيبقى محكوما في إطار الحل الأمثل لمشكلات البلاد، عندما يقوم العراقيون بحل مشكلاتهم بأنفسهم من دون أي تدخل إقليمي، وبعيدا عن ربط مصالح العراق، وأمنه بالتوجهات الخارجية؛ وهو ما تمناه تحالف القوى العراقية في بيانه من هؤلاء، بأن: «يستمعوا للنصيحة المخلصة التي قالها السبهان في حديثه، وهي الحل الأمثل لمشكلات البلاد، حينما يقوم العراقيون بحل مشكلاتهم بأنفسهم من دون أي تدخل»؛ الأمر الذي يحتم على صانع السياسة الخارجية السعودية، وهو مدرك لذلك، بأن العراق هو الفاصل بينه، وبين المد الثوري الإيراني، وأن يعمل على إيقاف هذا التمدد، وهو ما أشار إليه باحثون، ومهتمون كثر بالشأن العراقي، إلى أن تحالفاً دولياً وشيكاً بدأ يتكون؛ من أجل دعم السُّنة في العراق، وتوحيدهم؛ لمواجهة التوسع الإيراني -من جهة-، وتنظيم الدولة -من جهة أخرى-، في مناطق واسعة بالعراق.
وفق رؤية ترتكز إلى دعم الاستقرار الإقليمي، والدولي للسعودية، وما يستوجب تلك الرؤية من تفاعل سياسي مع الأحداث بشكل أكبر، ولخلق أفق سياسي خارجي جديد؛ من أجل موازنة تأثير القوى الإقليمية الأخرى، باعتبار أن دعم سنة العراق يمثل دعامة أساسية؛ للحفاظ على أمن المنطقة، وحل أزماتها، وصراعاتها، ومواجهة الأطماع الجيوسياسية لإيران -تحديدًا-،
-خصوصا- بعد أن أصبحت السعودية رقمًا صعبًا في استقرار المنطقة، عبر كثير من الملفات الملتهبة.