فاطمة العتيبي
لا يستطيع الشاب الإيراني أن يعبر عن أحلامه كفرد، بل تلزمه الحياة الصارمة في إيران بأن يكون دائمًا تابعًا لا يملك خيار نفسه، وعليه أن يبدي اقتناعه الكامل بنظرية الرجل العظيم، والتي تقابل في الإرث الفقهي الإيراني (ولاية الفقيه)، هذا النهج الذي ترضخ له إيران منذ الثورة الخمينية ينطحن البشر فيها فرادى، ثم تدخل عجينتهم المتماسكة إلى أفران تشوح فكرهم على نار تتلظى توقد من جذور الفكر الإغريقي، والفرعوني، والفينيقي، التي كانت تميز بين البشر باعتبارهم فئات، وطبقات، ومنهم طبقة القادة والعظماء، ومنهم طبقة البسطاء، الذين يخرجون من مواقد الجمر قطعًا متشابهة لا شية فيها، تعلو وجوهها قترة التشابه، والتماثل، والأحلام الموءودة في مقبرة المسكوت عنه! وكأن العزيز الحكيم لم يقل {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}.
يجد الإيراني نفسه محاطًا بسياج الرجل العظيم حتى ليكاد يخنقه ويشنقه (وما أكثر المشانق في إيران حين تعدها).
وتحبسه «ولاية الفقيه» أو نظرية الرجل العظيم في صندوق التبعية، وتلغي كل موهبة، وتميز، وطموح، ورغبة في الاختلاف، فتجد هجرة الإيرانيين تتزايد، ويفر الأفراد المبدعون بتميزهم هرباً من سجن إيران الكبير. ومن مشانق التفكير المعلقة التي تنصب في كل ناصية وطريق.