صيغة الشمري
منذ توحيد بلادنا نصرها الله وأعلى رايتها وكل فئة من الشعب تحاول تفسير الوطن من خلالها، كل فئة تحاول اختزال الوطن كحق خاص من حقوقها لا يشمل الآخرين، حتى أصبحت مشوشا تجاه معنى وطنية، حتى تجد من يجد انتماءه للقومية العربية أشد وأهم عنده من انتمائه لوطنه السعودية، منذ أن كتبت ملاحظة عن عدم وجود اسم السعودية في نشيدنا الوطني والملاحظات والاقتراحات تنهال علي والكل يحذر من خطورة وضعف مفهوم الوطنية عند الكثير من مواطني الوطن، وكأن الوطن مجرد وهم وعلى من يريد إثباته لهؤلاء أن يملك القدرة السحرية لجلبه لهم من منطقة الوهم في عقولهم إلى منطقة الواقع، حتى أصبح المتحدث عن ضرورة رفع الجرعات الوطنية يشعر بإهمال وكأنه يتحدث عن ضرورة وجود حقيبة إسعاف أولية في البيت أو طفاية حريق، الجميع يدعك تتحدث ولا تجد من يعارضك لكنك لا تجد شخصاً واحداً تأثر بكلامك وقام بتنفيذ ما قلت!
سنوات طويلة أُجريت خلالها حوارات طويلة كلفت الدولة ميزانيات ضخمة لتعزيز مفهوم الوطنية بما يسمى الحوار الوطني، ذهبت الملايين هباء وبقي (الهواش) الوطني إذ لم يكن هناك ما يمكن تسميته بالحوار، نتيجة قلة خبرة القائمين عليه في إدارة مشروع ضخم وحساس مثل هذا المشروع الذين اختزلوه بطاولات ومكبرات صوت وهذر مجاني لم يردم شبرا واحدا من الفجوة الكبيرة بين عقول المواطنين ومفهومهم لواجبات وطنهم عليهم، مرة نجد الوطن في القبيلة، ومرة نجد الوطن في منطقة دون غيرها، ومرة نجد الوطن في فئة دينية دون غيرها، الوطن هو أب للجميع يحمل الجميع اسمه ويفاخر به، لا يستطيع أبناؤه أن ينكروا الانتماء له، له عليهم حق بره وعدم التقليل من أهميته والمفاخرة بالانتماء إليه، الوطن حق للجميع وله حق على الجميع، لنترك الحوار حول الوطن فهو حوار محسوم لا يحتاج إلى إضاعة وقت لإثباته، وطننا هو القارب الذي يحملنا في منتصف البحر، سلامته أهم من سلامتنا جميعا.