جاسر عبدالعزيز الجاسر
تنبئ التحركات والإجراءات التي تشهدها أروقة صنع القرارات الدولية بأن عملية تقسيم العراق قد بدأت تدخل الإجراءات التنفيذية، إذ أعلن السيد سعود البرزاني رئيس إقليم كردستان قبل أيام «بأن الوقت قد حان لتنظيم استفتاء حول إقامة دولة مستقلة في كردستان في شمال العراق».
قول رئيس إقليم كردستان هذا تزامن مع تواجد الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب العراقي، والذي يمثل أعلى منصب يمثل العرب السنة بعد إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء، وهذه الشخصية القيادية للعرب السنة حضرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة غير رسمية. ذكرت العديد من المصادر الأمريكية والعراقية أن السياسي العراقي الكبير سوف تتركز مباحثاته في العاصمة الأمريكية على موضوع واحد، وهو بحث خطوات إعلان وإنشاء إقليم خاص بالعرب السنة أسوة بالإقليم الخاص بالأكراد في شمال العراق.
المهتمون بالشأن العراقي أعادوا للذاكرة بأن مقترح تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم مع إقامة عاصمة اتحادية يتشارك فيها الجميع، وهو بالأساس مقترح أمريكي كشف عنه منذ أعوام نائب الرئيس الأمريكي الحالي جوبايدن، ولهذا فإن تزامن وجود الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب العراقي، مع قول السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان في واشنطن يعطي ما تحدث عنه المهتمون بالشأن العراقي من أن موضوع تقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة قد دخل مرحلة التنفيذ، وأن تنظيم استفتاء في الأراضي الكردية بشمال العراق سيحرك المطالب العربية في المحافظات الغربية والشمالية من العراق لإقامة إقليم خاص بالعرب السنة للحفاظ على حقوقهم ومصالحهم، خاصة بعد تزايد تجاوزات واعتداءات المليشيات الطائفية، والتي أصبحت تشكل خطراً عسكرياً بعد انضوائها تحت لواء الحشد الشعبي الذي أصبح مؤسسة عسكرية توازي الجيش العراقي في قوته وإعداده إن لم تتفوق عليه.
يكشف الذين يتحدثون عن البدء في تحريك ملف تقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة وعاصمة اتحادية من أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها دراسة وتصور كامل لإنشاء جيش خاص من أبناء العشائر العربية في المحافظات الغربية والشمالية، وأن هذا الجيش سيكون موازياً للجيش الكردي «البشميركة» ومماثلاً للحشد الشعبي، وأن الأمريكيين أرسلوا مستشارين ومدربين لتكوين قوات أو جيش العشائر العربية، والذي سيحمل مسمى «الحرس الوطني»، وأن أولى مهام هذا الجسم العسكري العربي سيكون المشاركة في حرب تخليص محافظة نينوى من قبضة داعش، وسوف يقدم الأمريكيون دعماً كبيراً لجعل الحرس الوطني -الذي سيضم مقاتلين متمرسين وضباطاً في الجيش العراقي السابق- قوة ضاربة وفعالة بمستوى ميليشيات الحشد الشعبي إن تتفوق عليها.
ولهذا، وحتى يتم الانتهاء من تكوين هذه القوة الضاربة من العشائر العربية يتأخر موعد تخليص الموصل من داعش، والذي سيكون موعداً أيضاً لإعلان الإقليم العربي السني.