عماد المديفر
في الوقت الذي تقف فيه قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، وقوات الجيش اليمني الشرعي، والمقاومة الموالية للشرعية على تخوم صنعاء وتعز.. مؤذنة بقرب انتهاء سيطرة ميليشيات الشر والإرهاب على عاصمة اليمن السعيد، الذي أضحى يمناً جريحاً تعيساً بفعل هذه العصابات العميلة، ولتعيد له قواتنا العربية الباسلة في
التحالف؛ الأمل.. وتحقق بيدها قرار مجلس الأمن 2216.. ها هي تنطلق تدريبات رعد الشمال في أجزاء من المنطقة الشرقية ومنطقة الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية بمشاركة 20 دولة عربية وإسلامية حليفة، وحوالي نصف مليون عسكري، بتشكيلاتهم البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، وبتجهيزات متكاملة، وأكثر من 20 ألف مدرعة ودبابة، وفوق 3 آلاف طائرة ومروحية حربية، ومئات القطع البحرية.. وليكون بذلك «رعد الشمال» أضخم تدريب عسكري عربي إسلامي مر على وجه التاريخ.. ولينطلق بُعيده الاجتماع الأول لدول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب والمكون من 34 دولة إسلامية.. في العاصمة الرياض.. وكان قبل هذا وذاك أن باشر صقورنا الخضر البواسل طلعاتهم الجوية فوق الأراضي العربية السورية لقصف مواقع تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين داخل سوريا منذ سبتمبر - أيلول 2014م ضمن عمليات التحالف الدولي الذي تقوده حليفتنا الولايات المتحدة الأمريكية.
وها هي المملكة اليوم تعلن عن جاهزيتها التامة للزحف البري، للدخول مع دول أخرى في معركة لتطهير سوريا من تنظيم داعش الإرهابي ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وضمن قوات برية دولية مشتركة.. لإنهاء حالة الدوران في الحلقة المفرغة، وللتسريع في رفع معاناة الشعب العربي السوري الذي عانى الأمرين من نظام الطاغية الساقط بشار الأسد، وتنظيم داعش الذي لا يقل عنه إرهابا ووحشية، والذي تجمع الأدلة والبراهين على تورط نظام بشار نفسه في المساهمة بشكل عملي في خلق هذا التنظيم الوحشي الإرهابي لتبرير عمليات التطهير العرقي بحق الشعب العربي السوري، رافعاً شعاره الإرهابي: «الأسد أو نحرق البلد»..!
ولتُكسَر حالة الجمود والتقاعس الدولي في حل هذه الأزمة الإِنسانية التي هي عار على جبين الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الذي ظل عاجزا وفاشلاً أمامها.
إن آزفة هذا الطاغية تبدأ بانتهاء داعش وجبهة النصرة.. واليوم يوم الحزم، والعزم، والمبادرة، والفعل، واقتلاع الإرهاب من جذوره، وجز أصابع الفتنة من صماصيمها.. وقطع الطريق على من يريد أن يوظف أو يتلاعب بالمجاميع والتنظيمات والعصابات الإرهابية التي انتشرت هنا وهناك، لتهدد الأمتين العربية والإسلامية في هويتهما وكينونتهما.. فالدفاع والمفاوضات، القوة الصلبة الخشنة والدبلوماسية، السلاح واستخدام العلاقات الدولية.. وجهان للسياسة الخارجية القوية للدولة القوية.. ولئن علمنا بأن السياسة الخارجية ما هي إلا «مجمل المبادئ والأهداف الأساسية والاتجاهات العامة التي تحدد سلوك دولة ما خارج حدودها، وأن دور الديبلوماسية هو تنفيذ برنامج الحكومة في مجال السياسة الخارجية وتطبيقه بشكل منهجي، بواسطة المفاوضات».. فإنَّ القوة العسكرية تشكل الجانب المقابل للديبلوماسية، وهما معاً، وبترابط ضمني، يصنعان السياسة الخارجية للدولة، ويؤكدان أن مصالحها الوطنية محفوظة ضمن الإطار الذي تحدده، سواء على الصعيد الإقليمي، أو الأيديولوجي، أو الدولي.
وإذا ما علمنا أن سياسة المملكة الخارجية ترتكز على مبادئ العقيدة الإسلامية السمحة وعلى ثوابت التضامن العربي والإسلامي، ودعم السلام، والاستقرار العالمي، ونشر مبدأ الحوار والتعاون بين الحضارات والثقافات والأديان المتنوعة، ونبذ ومحاربة الإرهاب والتطرف، وترسيخ الوسطية والاعتدال، والحفاظ على مصالح الشعوب العربية والإسلامية، وأن أي قرار أو عمل للمملكة في مجال السياسة الخارجية إنما يقوم على كوننا جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، كون المملكة العربية السعودية قلب العالم الإسلامي.. مهد الإسلام ومنبع العروبة وحاضنة الحرمين الشريفين، وحاملة راية التضامن العربي والإسلامي.
إن القوة المادية لدولتنا المتمثّلة في قواتها المسلحة تتمم سياستها الخارجية المتمثّلة في دبلوماسيتها، والتي تسيرهما معاً لصون مصالحنا الوطنية والتي تأتي مصالح الأمتين العربية والإسلامية كجزء لا يتجزأ منها. تماماً كما أن مصالح الأمتين العربية والإسلامية لا يمكن أن تُصان بحال من الأحوال إلا بصون مصالحنا الوطنية.. فالمملكة بمثابة القلب في جسد الأمتين العربية والإسلامية.. وقلب الأمتين اليوم: حزمٌ وعزم.