سعد بن عبدالقادر القويعي
ما أعلنته المملكة من إيقاف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي اللبناني؛ «نظراً للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين»، يعتبر قراراً حكيماً باعتباره أكبر ضربة توجهها السياسة السعودية ضد حزب الله اللبناني، عندما شخّص ازدواجيته في المعايير، وتضليله المقصود من خلال أنشطته التخريبية، - سواء - كانت ذات طابع سياسي، أو اقتصادي، قام بها الحزب الإرهابي باستخدامه أدوات نشر الفوضى، وعدم الاستقرار، وشن هجمات إرهابية، وممارسة أنشطة إجرامية، وغير مشروعة في أنحاء العالم؛ الأمر الذي قد يواجه لبنان مرحلة جديدة، قد تقود إلى قطيعة عربية، ودولية بسبب جرائم.
لم يتوقف عطاء المملكة للبنان عطفاً على الضمير الإنساني، بل إنها عملت كل ما في وسعها؛ للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه؛ ولتؤكد - في الوقت ذاته - وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق - بكافة طوائفه -، وأنها لن تتخلّى عنه، وستستمر في مؤازرته. وهي على يقين، بأن هذه المواقف لا تمثّل الشعب اللبناني الشقيق؛ ولأن المسعى السعودي وصل إلى نقطة النهاية، في ظل سيطرة الحزب الإرهابي على القرار السيادي للبنان؛ فقد قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية، بما يتناسب مع هذه المواقف، ويحمي مصالح المملكة.
لم نعد بحاجة لتخمينات، واستنتاجات، وتقارير، وتحاليل؛ لندرك أن تنظيم حزب الله - السياسي والعسكري -، الموجود على ساحة لبنان، هو ذراع دولة إيران في الإرهاب، والابتزاز، والترويع. وهو امتداد لتحقيق المصالح الفارسية في المنطقة؛ إذ ثمة تماثل تقاطعي كلي، ومشبوه مع الخطاب الذي يعتمده الحزب، حين تجلّى البعدين - السياسي والديني - بروابط روحية عميقة، تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية ؛ ولتتعزّز - يوماً بعد يوم - مقولة، أن لبنان محكوم من حزب الله، وذلك من خلال تعاطيه مع الاستحقاقات المصيرية، وممارسته مسار الانقلاب على الدولة، ومؤسساتها، وأعرافها؛ حتى وإن أثبتت تلك المؤشرات الواضحة على التخبط، والارتباك في سياسته في التعامل مع مجموعة من القضايا على الساحتين - المحلية والعربية -.
عندما تفترق الحسابات لدافع من الدوافع، وتختلف الأهداف، فإن حزب الله يأتي ضمن أعرق المنظمات الإرهابية الإستراتيجية المدعومة من طهران، بل إنه لم يُوجد أصلاً إلا لنشر ما أمكن من الخراب في لبنان، وفي كل بلد في المنطقة، وخارجها؛ مثبتاً بجرائمه، وسجله الإرهابي إيرانيته بامتياز، بعد أن لبس المتآمر لبوس المقاومة، وذلك من خلال سلوكه العام، - خصوصاً - لجهة القمع السياسي، والإرهاب الفكري، والنفسي، والعنف المادي ضد معارضيه.
اليوم، أربك القرار السعودي كل القوى السياسية المناهضة للسعودية في لبنان، كون موقفها مع لبنان، هو موقف ضد الإرهاب، وأذرعته، وأعوانه, إذ لا تراخي سعودي حيال حزب إرهابي، يخطط لكل خراب ممكن، في أي منطقة يمكنه الوصول إليها. وستواصل السعودية مكافحتها للأنشطة الإرهابية لحزب الله - بكافة الأدوات المتاحة - . كما ستستمر في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم، بشكل ينبئ عن أنه لا ينبغي السكوت من أي دولة على مليشيات حزب الله، وأنشطته المتطرفة التي تعدت إلى ما وراء حدود لبنان.