علي الخزيم
سَلّم الإنتربـول السعودي مؤخراً عدداً من المطلوبين إلى نظيره بعاصمة عربية، ونقلت الصحف عن المركز الإعلامي الأمني أن إدارة الشرطة العربية والدولية (إنتربول) هناك استعادت مطلوبين، كان قد سُجّل ضدهم (ببلادهم) قضايا تزوير واحتيال وإصدار شيكات بدون رصيد، إضافة إلى عدد من طلبات المحاكم التنفيذية. ومثال آخر: فقبل فترة من الزمن تم القبض على آسيوي محكوم عليه بقضية قتل ببلده قبل أن يلوذ بالفرار إلى بلادنا. وأذكر أن صاحب عمل يُشَغّل وافدًا آسيوياً بطريقة نظامية إلاّ أنه يؤكد أنه من قبل أن يعمل عنده بسنوات لم يطلب إجازة، ولم يغادر البلاد؛ لأنه مطلوب من أناس آخرين من جنسيته، ينتظرون قدومه إلى هناك للاقتصاص منه في قضية بينهم، وهو طيلة هذه السنوات يُفكّر بحيلة للسفر مُتخفياً. والقصص والأمثلة كثيرة. وهذه العمالة المتزايدة في ديارنا لم تكن من فئات مختارة بعناية للقدوم لممارسة أعمال محددة؛ فيبدو أن لا ضوابط تحكم هذه المسألة (وإن وُجِدَت) فليس هناك الكثير ممن يُطبّقها من أصحاب الأعمال ومكاتب الاستقدام، بل إن ما يزيد الأمر سوءًا أن بعض من يحصلون على تأشيرات الاستقدام لا يملكون في الحقيقة مؤسسات فعلية تستدعي جلب كل هذه العمالة؛ فهي مؤسسات على ورق، وعمالة تَفِدُ ليتم بَثُّها لتعمل (وتعبث) كما يحلو لها، وتحصل على المال بطرق ملتوية وأساليب إجرامية من المخالفات وترويج الممنوعات واقتراف المحرمات، مقابل دفع مبلغ شهري زهيد للكفيل صاحب المؤسسة الوهمية، الذي يُعَدّ - والحالة هذه - شريكاً بخيانة الوطن وظلم إخوانه المواطنين في سبيل إرضاء نفسه الجشعة المتلهفة للمال على حساب المبادئ والقيم، وحفظ كرامة البلاد والعباد.
وللتقليل من أخطار العمالة الرديئة، بمن فيهم (المجرمون المُنْدَسّون باسم العمالة الوافدة)، فإنه من الأجدر بأصحاب القرار زيادة التحرز منهم، وذلك بسن نُظُم من شأنها ضبط الاستقدام وتقنينه، وتحديد الفئات المطلوبة فعلياً لسوق العمل، والتشديد على المؤسسات الصورية الورقية الزائفة المتاجرة بالعمالة، ومراجعة الأنظمة والقرارات المُنَظّمة للاستقدام لسد كل الثغرات والمنافذ على المحتالين هنا وهناك، والتركيز بصورة أكبر على (هناك)، بالتعاون مع الجهات المختصة ببلد تصدير العُمّال، والإحاطة بعصابات الاتجار بالعمالة المتدنية والمجرمين المُهرَّبين من السجون، والتشديد على مزيد من التعاون في هذا الاتجاه، والتشديد على سفاراتهم بعدم تجاوز الأنظمة بمساعدة كل من يَدَّعي المظلومية (وهو الظالم) بالهرب لبلاده والإفلات من أي عقوبة، بعد أن حقق كل ما يريد من قدومه.
وبمناسبة الحديث عن جرائم العمالة، لفت انتباهي خبر يقول: إنه على هامش مؤتمر طب الأسنان الدولي الأول الذي نظمته كلية طب الأسنان بجامعة الملك خالد أقامت الطالبات بالكلية ركناً خاصاً عن طب الأسنان (الجنائي)، وأوضحن أن من مهام طبيب الأسنان الجنائي التعرف على عمر الضحية و(المجرم)، وجنسه وعرقه وحالته الاجتماعية، وغيرها، والكشف عن بعض جرائم الخنق والشنق والتسمم الفَمَوي. والأهم اللافت تأكيدهن أن (طب الأسنان الجنائي غير مُفَعّل بالشكل المطلوب بالسعودية).