جاسر عبدالعزيز الجاسر
في الماضي الذي لم يكن بعيداً كانت الدول العربية تستعين بالخبرات اللبنانية سواء في مجالات الطب والإعلام والصناعة والسياحة وغيرها من المهن التي يعد اللبنانيون الأكثر خبرة، بل إن بعض المهن احتكرها اللبنانيون فجميع المؤسسات الإعلانية وحتى الإعلامية كانت ولا تزال بعضها مقصورة على اللبنانيين، وللبنانيين الفضل في إنشاء صحف ومجلات كانت الريادة لها في الدول العربية وفي المهجر، فأهرام مصر الصحيفة العربية الأولى أنشأها الأخوان تقلا اللبنانيين، وجبران في أمريكا، وفي لبنان برز العديد من الأطباء الذين تخصصوا في العديد من التخصصات النادرة في أرقى وأهم المستشفيات العالمية، ومنهم الكثير الذين يعملون في دول الخليج العربية.
كان اللبنانيون هم الأكثر طلباً ممن يبحثون عن الإجادة والتميز، وذلك في الماضي، أما الآن ورغم احتفاظ الكثير من اللبنانيين بتميزهم وتفوقهم، إلا أن الدول أخذت تنظر إلى اللبنانيين بتوجس وشك، بعد أن شوه حزب حسن نصر الله سمعة اللبنانيين جميعاً، وإذا كانت الحسنة تخص فإن السيئة تعم، وهكذا أصبح اللبنانيون في دائرة الاتهام بعد أن جعل حزب حسن نصر الله فئة كبيرة من اللبنانيين بدائرة الاتهام، ولا يقتصر ذلك على المكون الطائفي الذي ينتمي إليه، وقد جعل منهم العدد الأكبر من الذين يرتهن لإملاءات حزب حسن نصر الله، الذي يعمل لخدمة التوجه المذهبي والتوسع العنصري لنظام ملالي إيران.
اللبنانيون الخبراء والمهرة في المهن النادرة، أصبحوا وعلى يدّ حسن نصر الله خبراء ومدربين على تنفيذ الأعمال الإرهابية والإجرامية، واستقدم «حزب الشيطان» من إيران مدربين وخبراء لتدريب أشخاص منتقين من نفس المكون الطائفي للحزب، وأخضعهم لتدريب مكثف سواء داخل لبنان أو في إيران، وهؤلاء الذين أصبحوا خبراء في الإجرام وتدريب الإرهابيين مسؤولون عن إدارة معسكرات تدريب في لبنان وسوريا والعراق واليمن، مهمتهم تدريب شبكات للتخريب وتنفيذ الأعمال الإرهابية والإجرامية في الدول العربية وخارج الدول العربية، وقامت هذه المعسكرات في تخريج العديد من الإرهابيين الذين أصبحوا يشكلون شبكة متنوعة من الإرهابيين موزعين على الدول العربية وبعض الدول الأوروبية، وهذه الشبكات الإرهابية بمثابة خلايا نائمة يقودها ويشرف عليها مختصون لبنانيون يعملون في الدول المستهدفة، وخاصة دول الخليج العربية التي أرسل إليها مجاميع هم بمثابة مرتزقة مهمتهم تنفيذ العمليات الإرهابية حين يطلب منهم. تخفوا تحت مسمى المهن التي تعاقدوا عليها، في حين كانوا قد خضعوا لدورات وإعداد خاص لتنفيذ الأعمال الإجرامية في دول الخليج العربية.
دورات الإجرام وإعداد الإرهابيين لم تعد مقصورة على اللبنانيين الذين تحولوا إلى مدربين ومدرسين للإرهاب، حيث أرسل كثيراً منهم إلى اليمن لتدريب الحوثيين على تنفيذ عمليات «إيذاء السعودية» وآخرين للعراق لتدريب المنحرفين البحرينيين لإيذاء البحرين.
وهكذا تخلى لبنان عن إرسال العمال المهرة والأطباء المتميزين والإعلاميين، وتوجه إلى إرسال الإرهابيين المرتزقة الذين يعلمون الآخرين امتهان تنفيذ الأعمال الإجرامية خدمة لأجندة نظام ملالي إيران.