جاسر عبدالعزيز الجاسر
الصبر الذي تحلَّت به المملكة العربية السعودية تجاه انحراف سياسة لبنان المختطف كلياً من حزب حسن نصر الله وحليفه ميشيل عون فاق كل الحدود، فلبنان الرسمي دأب على اتخاذ مواقف عدائية ضد المملكة حتى إن ولاية حسن نصر الله اللبنانية اتخذت مواقف زايدت فيها على مواقف مركز الإمبراطورية الصفوية. ففي الوقت الذي تعترف حكومة نظام ملالي إيران وتعتذر عمَّا ارتكبه غوغائيوهم في اتباع ولاية الفقيه، يشذ لبنان الرسمي عن الإجماع الدولي والعربي وينفرد كدولة وحيدة لم تشجب ولم تعترف بالاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، بل أكثر من ذلك حاول لبنان الرسمي عبر وزارة الخارجية اللبنانية ووزير خارجيته جبران باسيل صهر عون حليف حسن نصر الله والذي استبدل سراي بيروت بحوزة قم حاول باسيل معارضة اتخاذ وزراء خارجية الدول العربية قرار إدانة العمل الإيراني المرفوض دولياً وأخلاقياً وكان الوزير الوحيد الذي عارض القرار، وفي مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي كرّر لبنان الرسمي الموقف نفسه.
رغم كل هذه المواقف العدائية التي استمرأها وزراء حكومة تمام سلام والذي يعمل كل واحد منهم وفق أجندة حزبه إلا أن المملكة العربية السعودية واصلت سياسة النفس الطويل والصبر على تجاوزات الأخ الصغير رغم الحاجة إلى معاقبته حتى يعود لصوابه ولأن الذين يقيمون في رأي الحكومة ومجلس النواب لا يعرفون أن للصبر السعودي حدوداً، وأن السعوديين وبالذات المواطنون كانوا يطالبون باتخاذ مواقف تعيد اللبنانيين إلى الصواب، وقد طالبت هنا في هذه الزاوية أكثر من مرة أن تتخذ الحكومة السعودية إجراءات تفهم ممن يتمادوا في غيّهم أن السعوديين يعرفون كيف يتعاملون مع من ينكر الفضل ويقلب ظهر المجن لمن يساعدونهم، إلا أن حكمة القيادة السعودية تواصلت معطية اللبنانيين حكومةً وشعباً وطوائف وأحزاباً حتى الذين يعادونها فرصة لإعادة دراسة مواقفهم والوصول إلى ما يخدم مصلحة لبنان وألا يكونوا أداة لتحقيق أطماع قوى عنصرية وطائفية تعمل ضد المسلمين والعرب وأولهم اللبنانيون الذين أصبحوا مجرد (ضيعة) في ممتلكات جماعة ولي الفقيه، وبدلاً من أن يصلح اللبنانيون حالهم ويعدلوا مواقفهم صعّدوا من غيّهم وأصبح الهجوم على المملكة العربية السعودية حكاماً وحكومةً وشعباً، وأصبح كل ما يفعله السعوديون منتقداً يندد به ويفسر بصورة سلبية غير ما هدف إليه السعوديون ولا يمر يوم إلا وكانت السعودية هدفاً لهجوم متجنٍ ونشر أكاذيب هدفها تشويه صورة السعودية والسعوديين، والأدهى من ذلك أن بعضاً من حملات الإساءة والكذب كانت تبث عبر القناة التلفزيونية اللبنانية الرسمية.
وهكذا تحوّل لبنان إلى بلد معادٍ بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهنا كان لا بد من مراجعة العلاقات مع هذا البلد المختطف الذي لم يستطع رجالاته الذين يعجبهم ما آلت إليه الأوضاع في بلادهم وكان لا بد أن تشير مراجعة العلاقات إلى وجوب وقف المساعدات المقدَّمة للبنان وأن يكون ذلك في مقدّمة ما سوف يتخذ من إجراءات لإعادة لبنان إلى انتمائه العربي الذي اختطفه مرتزقة السياسة وأتباع ولي الفقيه.