فاطمة العتيبي
من نافلة القول نُؤكد على أن إعداد المعلم يبدأ منذ التحاقه طالباً في مراحل التعليم، فهو ابن ما تعلمه، ولذا ومثل ما يقول أهلنا (العود على أول ركزة)، وحين نحسِّن المناهج ونحسِّن بيئة التعليم، ونعد المعلم جيداً سنكسب مزيداً من المعلمين الجيدين مستقبلاً!
كيف؟
ينص الهدف الثاني من الأهداف الثمانية المتعلقة بتطوير المعلمين التي يُقيّم على أساسها جودة التعليم عالمياًَ - على - القدرة على جذب أفضل الكوادر لمهنة التدريس؟
وهذا الأمر ليس سهلاً مع فقدان مهنة التدريس الجاذبية التي كان عليها، في ظل تعدد المجالات وتنوعها وإقبال الشباب على مهن مربحة وجاذبة اجتماعياً.
ليست المدارس وحدها التي تعاني من ضعف مخرجات كليات التربية، وليست كليات التربية وحدها التي تعاني من ضعف طلاب المرحلة الثانوية، وظلت المشكلة محيرة تشبه أيهما جاء أولاً البيضة أم الدجاجة؟
وجيد الآن أن التعليم توحّد في وزارة واحدة تكون مسؤولة عن المدخلات والمخرجات التي تتحوّل بدورها إلى مدخلات، فالطالب يتخرَّج معلماً والمعلم لاحقاً يصبح جزءاً من المدخلات في المدرسة، وهكذا!
بيت القصيد أن أفضل الدول في جذب المعلمين هما أمريكا وسنغافورة، ذلك أنهما طورتا إستراتيجيات التدريس وتبلغ نسبة الحوسبة في المدارس فيهما 100% كما تم ربط التدريب بموضوعات الدروس واحتياج المجتمع، ولنركز على احتياج المجتمع، في ألمانيا مثلاً يخرج طلاب المرحلة المتوسطة إلى مصانع السيارات في تدريب مستمر طوال عام، عدة ساعات أسبوعية يُعد اجتيازها شرطاً للنجاح، وساعات أخرى في المستشفيات، ويتدرب الطلاب ويساهمون في الإنتاج القومي، ويستمر هذا إلى انتهائهم من الثانوية، فيذهب بعض الطلاب للهندسة، وبعضهم للطب، وهما المجالان اللذان تعتمد ألمانيا عليهما في اقتصادها!
كل هذا يخفف من العبء على المعلمين وتصبح فرصهم في التدريب والتجويد أكثر، كما أن عددهم يصبح أقل وتُنتقى منهم الكفاءات الأجود.
معلمونا جيدون، لكننا نحبسهم في أُطر تقليدية تنظيرية خرّجت لنا طلاباً لا يجدون في العمل متعة، التعليم ليس تنظيراً وتلقيناً، إنه منظومة قيم ومعارف تحفز على الحياة الجيدة والسعيدة، وأظن أننا بقليل من التخلي عن النمطية سنجعل المدارس والحياة التعليمية جاذبة، يتردد المعلم قبل أن يأخذ إجازة مرضية، ويبكي الطفل لأن أباه لم يتمكن من إيصاله مدرسته، ولربما وصل الأمر أن يقنت الطلاب والمعلمون من أجل أن يمر السحاب خفيفاً من على مدارسهم حتى لا تُعلّق الدراسة، وما عند الله خير وأبقى.