فاطمة العتيبي
عُرف التحالف في التاريخ البشري مبكراً وقد تلا مرحلتي الصراع والسلام، فالسلام ارتبط بالمفرد والصراع جاء مع المثنى، أما التحالف فعرف مع الثلاثة وأكثر.
وعرفت القبائل العربية التحالفات, فقد ذكر النسابون والمؤرخون أن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية... ومن أشهر التحالفات عند العرب خندف وشبابه, وجاء في كتاب معجم القبائل لحمد الجاسر (اسم خندف يشمل قبائل هذيل وسليم، وثقيف ومطير، وسبيع والبقوم، وغامد، وغيرها.
وشبابة: عتيبة وحرب، وجهينة وبلي، وبلحارث، وبنو مالك «بجيلة» وزهران، وغيرها.)
يقابل ذلك في العصر الحديث ذوبان التجمعات البشرية القائمة على النسب وانصهارها في مؤسسة الدولة المدنية التي هي جزء من نظام عالمي له قوانينه ونظمه وتحكمه التحالفات والاتفاقيات والمعاهدات.
فإذا كان الحلف يتم بالاتفاق بين طرفين أو أكثر لحماية الشعوب، فإن المصالح والمبادئ العامة هي التي تربط بين أعضاء التحالف، مهما اختلف العرق والدين والجغرافيا!.
ومع ما استجدّ حديثا من أحداث وتطورات، تجد دول الخليج نفسها بحاجة لتحالفات تدعم استقرارها وتخدم مصالحها وتبرهن للعالم أنها دول تمتلك الرؤية المستقبلية والقدرة على اتخاذ قرار استباقي يحمي مقدراتها وشعوبها.
وقد دخلت دول الخليج في تحالف إسلامي مهم للحرب على الإرهاب الداعشي، وهو محل تقدير لأهميته في حشد الانطباع ا لعالمي الموجب عن اهتمام الدول الإسلامية بالقضاء على العنف وممارساته.
لكن التحالفات القائمة على الدين قد تتحول مع الوقت إلى نموذج انعزالي عن العالم والمجتمعات المدنية.
وبما أنه وإلى الأمس القريب كانت كثير من الأفئدة تهوى تركيا وتراها النموذج الإسلامي العزيز القوي حتى إن بعض الإخوان أثابهم الله يذهبون إليها كل عام ولم يضيرها عندهم انضمامها لحلف الناتو بل كانوا يَرَوْن ولايزالون في علمانية تركيا وتحديثها وتعدديتها نموذجا محفّزاً للدولة الإسلامية المنيعة.
لذا فإن ظهور تركيا كحليف في سبيل القضاء على داعش وإنقاذ الشعب السوري خاصة في ظل تخلي أمريكا عن دورها كحليف مستقل يطرح التفكير الجاد في انضمام دول الخليج لحلف الناتو (بروكسل -1994) وتركيا أحد أعضائه وقد عانت وهي منفردة فيه, لكنّ كثيراً من التوقعات الإيجابية تشير إلى أنه فيما لو تم دخول دول الخليج وحلفائها من الدول الإسلامية, فإن هذا سيخلق توازناً جيداً يتمكن من خلاله الأعضاء من الدول الإسلامية لتشكيل قوى ضغط داخل التحالف لمصالحها, وقد طرحت عبر تغريدة في تويتر سؤالاً استطلاعياً, هل تؤيد انضمام دول الخليج إلى حلف الناتو وكان 48 %مؤيدين و30 % رافضين و 22 % يحتاجون لمزيد من الاطلاع لتحديد موقفهم، وهي نتيجة جيدة نسبة إلى أن شعوب الخليج محافظة وتخشى من عدم قدرتها على الانفكاك من إملاءات الحلف، الصورة ستتضح لنا جميعا في المستقبل القريب.