فاطمة العتيبي
«السعادة هي أن تفكر ما تقول، وماذا تفعل في انسجام». غاندي
وأنت تشاهد العنف الذي واجهته فتاة النخيل، وتسمع صراخها، وترى ساقيها النحيلتين عاريتين والرجال الغلاظ الشداد يدفعون بها لتركب سيارة جهة حكومية وكأنها عملية خطف، بينما المنتظر هو الحماية، هو الأمن، تدرك أن ثمة انسجاماً مفقوداً بين ما يُقال وما يُفعل، وهذا يفسر سيماء التعاسة العظيمة التي تعلو بعض الوجوه.
وأنت ترى بعض شباب ورجال مجتمعك وقد انغلقوا على أنفسهم وانعزلوا عن مشهد الحياة العامة، وانحشروا في عزلة ليس كمثلها في كل بلدان العالم في استراحات مغلقة عليهم وحدهم من عمر 15 حتى 60 إن لم تشجعهم على الإرهاب شجعتهم على الانحراف، ومن فرَّ عن هذا وذاك ترك بيته وآل بيته للضياع وهو غارق في عزلته الحلال! ومنهم من نجا بفضل الصدقات ودعوات الأمهات الصالحات!
وجدتني أسأل نفسي: هل نحتاج إلى وزارة سعادة؟ ونصف نصف السعوديين مدربون في تطوير الذات، منهم الشيخ والواعظ والطبيب والممثل والسباك والمقهوي، ونصفهم الباقي متدربون في تطوير الذات، يسمعون كلاماً كثيراً عن ضع هدفك وارسم خريطة طريق وضع وارفع واحبس وأطلق.. لكننا ما رأينا صاروخاً انطلق نحو الفضاء ولا رأينا وجوهاً طلقة ضاحكة مستبشرة.
فهل لو احتذينا حذو الإمارات وأنشأنا وزارة السعادة، هل يمكن أن يصلح حالنا وتختفي من نواصي شوارعنا سيارات الدفع الرباعي التي تلاحق الصغيرات وتسقطهن أرضاً!؟
مع أن كاميرات الأسواق وساهر تغني عن وجودهم، فليحللوا تسجيلات الكاميرات أو ينشئوا في كل سوق غرفة مراقبة على الأقل نستفيد في حال ضياع طفل أو تعد على فتاة أن يسارعوا لإنقاذها. لكن أن يتحول مصدر الأمن إلى مصدر خطر فهذا يعني عدم الانسجام، والمؤمن منسجم في فكره وقوله وعمله:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].
أظن أننا بحاجة لوزارة للإيمان والسعادة، لأن المؤمن سعيد والسعيد مؤمن!!