صيغة الشمري
ما الذي يحدث بالضبط؟ كيف نجد تفسيراً لما يفعله الدواعش بنا وبأبنائنا؟! شيء لا يصدق هذا الذي يحدث؛ لأنه لم يحدث عبر التاريخ هذا القتل العبثي من مجرمين لأقربائهم، لا ذنب لهم سوى أنهم أقرباء لمجرمين تجردوا من إنسانيتهم، وارتدوا قناع الحيوان المفترس الخالي من العقل والدين. ما هو هذا السحر المدسوس الذي يجعل الإرهابي يستبيح دم صلة رحمه وأقاربه مخالفاً جميع النصوص الشرعية بل مخالفاً لجميع ما نزلت به الأديان؟ لماذا لم يستنفر كل صاحب علم شرعي وخطيب مسجد في صد أول جريمة قتل ارتكبها داعشي في حق صلة رحمه؟
لماذا لم نملأ الدنيا هجوماً فكرياً مضاداً، يدحض هذا السلوك الدموي لمراهقين غسلت أدمغتهم داعش بطريقة أو أخرى؟ لقد بلغ السيل الزبى، والسكوت عند بلوغ السيل الزبى لا تحمد عواقبه، بل إنه لا يليق بنا كمواطنين وأبناء لهذا البلد الذي حان الوقت لنرد له جميل الحفاظ عليه آمناً مستقراً منتصراً على كل من عاداه بإذن الله. إننا بحاجة ماسة لزيادة صلابة حديد اليد التي نضرب بها داعشاً ومن داعشها. لم يعد السكوت سوى خذلان لبلادنا؛ فالذي يحمي بلاده ويدعي حبها عليه أن لا يسكت؛ لأننا لن نقبل الحياد بعد اليوم، لن نقبل الحياد في جرائم بشعة، تجاوزت المعنى المعروف للغدر لتحمل معاني بشعة وخسيسة لما يفوق الوصف ويفوق أي معنى للغدر. قلنا مراراً وتكراراً إن الوطن خط أحمر أمام عبث هؤلاء الطغاة المارقين من الدين والأخلاق والضمير كما يمرق السهم من الرمية. لتنتفض الأمهات في البيوت السعودية جميعها، وينفضن غبار رؤوس أبنائهن وبناتهن؛ لتختبر درجة تدعشهم، ومدى قبولهم لفكرة حمل سلاح رشاش وقتل قريب برصاصات غادرة عفنة ومدنسة. وحتى لا تفجع عزيزي الأب وتقع الفأس بالرأس عليك أولاً أن تتخيل أنك أب لمجرم داعشي، قتل خاله أو عمه أو أمه، تخيل هذا الخيال البشع، وعليك العمل بكل اجتهاد وإخلاص لمنع حدوث هذا الخيال البشع. لا تتركوا بلادنا وحدها فنحن وحدنا اسمنا البلاد لا سوانا، لا سوانا يحمي بلادنا. لا يجب علينا تهويل الأمر حتى لا يبدو مستحيل الحل، كما لا يجب في نفس الوقت التهاون وتبسيط الأمور للحد الذي يجري سيل المخاطر من تحت فراشنا ونحن غافلون.
كلنا رجال أمن، وكلنا حماة فكر أبنائنا من التدعش لدرجة قتل الأقرباء بدم بارد دون هدف غير هدف وحشي وضيع، لا يمكن تصوره، ولا يمكن أن يقبله عقل، لدرجة أصبح القاصي والداني يشك أن ما يحدث إنما هو بفعل السحر والشعوذة. كل أم وأب يلبس لبس رجال المباحث في بيته، ويراقب ويفتش تواصل أبنائه عبر الإنترنت، ومراقبة توجهات أصدقاء الأبناء. نحن في أمسّ الحاجة لمواجهة هذه الحيوانات المسعورة برباطة جأش وبشجاعة؛ فنحن أنصار الحياة والشريعة، ولم يتمكن دعاة موت ووحشية من هزيمة دعاة دين وحياة.
خلاصة الأمر: إن استمرار قتل الأقرباء على أيادي مجرمي داعش خطر، إن لم نواجهه جميعنا فربما يكون الدور على واحد منا - لا سمح الله -. لننتفض؛ فلا مجال للحياد أو الصمت عندما يتم تجاوز الخط الأحمر للوطن.